لم تلقَ مطالبة منظمات حقوقية في إسرائيل الحكومة بإلغاء الهيئة المسماة «الرقابة العسكرية» (وهي هيئة تابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية) على وسائل الإعلام، أذناً صاغية من صناع القرار الذين لم يقتنعوا بالادعاء بأنه لا يليق بنظام ديموقراطي اعتماد أنظمة طوارئ موروثة من عهد الانتداب البريطاني على فلسطين التاريخية تبنّاها الكنيست الإسرائيلي في كتاب القوانين مع إقامة الدولة العبرية. وعليه، واصلَت هذه الهيئة «فتح عيونها» على كل خبر تنشره وسائل الإعلام «يتعلق بأمن الدولة والنظام العام»، من دون أن تتردد في تقديم من يخالف الأنظمة الى العدالة. أما الجديد، فيتعلق بقرار الهيئة توسيع رقعة «مراقبتها» لتطاول حسابات شخصية في شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، ومطالبة أصحابها بتقديم ما ينوون نشره في صفحاتهم إلى الرقابة قبل النشر، وهي خطوة اعتبر مراقبون أنها تندرج في إطار الحملة المحمومة التي تتعرض لها منظمات يسارية تناهض الاحتلال الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية. وتنصّ الأنظمة على أن الرقابة العسكرية «مسؤولة عن منشورات مطبوعة يتم تعميمها على الجمهور أو تصل من يد شخص إلى آخر، ما من شأنه المسّ بأمن الدولة أو سلامة الجمهور أو النظام العام». وفسرت المحكمة العليا هذه الأنظمة بالتأكيد أنه ليس من صلاحية «الرقابة العسكرية» شطب خبر إلا في حال رأت موضوعياً أن هناك احتمالاً جدياً بأن يكون في نشره مسّ حقيقي بأمن الدولة أو بالنظام العام وسلامة الجمهور». وكانت «الرقابة العسكرية» أقرّت قبل أربع سنوات، بأنها شرعت في متابعة ما يُنشر على صفحات التواصل الاجتماعي، لكن رئيسة الهيئة السابقة أوضحت في حينه أن الهيئة لن تقحم أنفها في صفحات شخصية في «فايسبوك»، إنما فقط في صفحات إخبارية، وعليه تفاجأ نحو 30 من أصحاب الحسابات على صفحات «فايسبوك» و «تويتر» و «بلوغ» بتلقّي رسالة من «هيئة الرقابة» تطالبهم بتقديم ما يكتبونه إلى الهيئة قبل نشره في صفحاتهم، وهو ما اعتبره عدد من متلقّي الرسائل ناجماً عن دوافع سياسية ومساً بحرية التعبير، خصوصاً أن الطلب يتعلّق بإرسال المواد قبل النشر وليس مراقبتها بعد نشرها، كما كان متبعاً حتى اليوم. وعقّب الكاتب اليساري يوسي غورفيتس، على الرسالة التي تلقاها أول من أمس، من هيئة الرقابة بالقول، إنها لم تتطرق فقط الى منشورات ذات صبغة أمنية إنما جاءت عامة، مضيفاً أنه إذا تبيّن أن جميع من تلقى الرسالة محسوب على اليسار، «عندها يمكن القول أن وراء الأكمة ما وراءها». وأردف أن هذه الرسالة «خطوة غير مشروعة تقول عملياً إن كل من تلقاها مشبوه، وعليه تبليغ الجيش بما يعتزم كتابته». وأعلن أنه لن ينصاع للأمر، وسينتظر موقف المحكمة من شرعية هذه الرسالة، «خصوصاً أن ما أنشره لا يعتمد مصادر أمنية أو عسكرية، لذا فالامتثال للأوامر الجديدة يعني القضاء على الإعلام الجديد في إسرائيل، الذي يتنفّس من الردود السريعة».