لندن: «الشرق الأوسط» «فلسطينيو الشتات أبناء البطة السوداء» عبارة قالتها لاجئة فلسطينية ولدت وعاشت في دمشق بعد نزوح أهلها من فلسطين عام 1948، وقدر لها أن تعيش موجة النزوح الثانية من سوريا إلى لبنان بعد تهدم منزلها في مخيم اليرموك، حيث ما يزال عدد من أقاربها محاصرين بلا غذاء ولا ماء ولا كهرباء. وقالت في اتصال مع «لشرق الأوسط»: «للأسف أن الفلسطينيين اعتادوا على أن يكون العالم أصم وأبكم وأعمى تجاه الكوارث التي يتعرضون إليها، والآن أهلنا في مخيم اليرموك يموتون من الجوع ولا يوجد من يهتم بهم، حتى الفلسطينيون من الذين استثمروا بالدم الفلسطيني وصعدوا للمناصب السياسية وصار لهم مقعد بين السياسيين لم يرف لهم جفن حيال الذين يموتون جوعا في المخيم، حتى ولو من قبيل الاستثمار السياسي». وتضيف: «ربما لأنه موت من دون دم، حتى المثقفون الفلسطينيون من جماعة الممانعة لم تتحرك مشاعرهم الإنسانية وما زالوا يؤيدون طاغية دمشق (الرئيس السوري بشار الأسد) الذي يفرض الحصار والموت على المخيم». وقال ناشطون في مخيم اليرموك يوم أمس إنه تم نقل عدة حالات جفاف خطيرة بسبب سوء التغذية - إلى النقطة الطبية في المخيم المحاصر حيث لا يوجد ما يلزم لمعالجة تلك الحالات ما يرجح ازدياد أعداد ضحايا الموت جوعا في المخيم. حيث تم تشييع أول من أمس السيدتين مسرة توفيق قنبورغي ولوندو خالد غزال جراء الجوع. وفي سابقة بالمخيم المحاصر عثر أمس على عائلة داخل منزلها الكائن في قبو بالمخيم أصيب كل أبنائها بالجرب بسبب عدم توفر المياه ووسائل الاستحمام، في ظل برد شديد. ونقل أفراد العائلة فورا إلى النقطة الطبية للعلاج. ونشر ناشطون صورا لأفراد الأسرة الذين بدوا أقرب إلى هياكل عظمية مكسوة بجلد ينهشه الجرب، وحذر الناشطون من كارثة إنسانية في المخيم في حال استمر الحصار على المخيم. وكان أطفال فلسطينيون في المخيم وجهوا رسالة إلى قادة الفصائل الفلسطينية كافة وإلى وكالة غوث للعمل على فتح طريق لإدخال المساعدات للمخيم الذي يموتون فيه من الجوع. كما بدأ ناشطون فلسطينيون حملة على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لجعل الأولوية وقف الحصار ومنع الموت جوعا واعتبار كل شريك في هذه الجريمة عدوا للشعب الفلسطيني بغض النظر عن المواقف السياسية، مؤيدة أو معارضة. وأفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، (الأونروا) يوم أمس أن 15 فلسطينيا، على الأقل، ماتوا بسبب الجوع منذ سبتمبر (أيلول) في مخيم اليرموك المحاصر في جنوب دمشق، وقال المتحدث باسم الوكالة كريس غونيس «تحدثت تقارير وردتنا نهاية الأسبوع أن خمسة على الأقل من اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك المحاصر في دمشق لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية، وبذلك يصبح إجمالي عدد الحالات المبلغ عنها 15» وحذر من تدهور الوضع في المخيم، حيث يحاصر 20 ألف فلسطيني وسط محدودية في الطعام والإمدادات الطبية، قائلا «نحن غير قادرين منذ سبتمبر 2013 على دخول المخيم لتقديم المساعدات الضرورية التي يحتاج إليها السكان». وأضاف «إن استمرار وجود الجماعات المسلحة التي دخلت المنطقة في نهاية عام 2012، ومحاصرتها من قبل القوات النظامية، أحبطا كل جهودنا الإنسانية». يذكر أن الكتائب المقاتلة تسيطر على غالبية أجزاء المخيم، الذي يعد الأكبر للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وتحاصره القوات النظامية منذ نحو عام ما تسبب بأزمة إنسانية، ونزوح عشرات الآلاف من أصل 170 ألفا كانوا يقطنون فيه. وكانت وكالة «الأونروا» قد وجهت نداء في العشرين من ديسمبر (كانون الأول) لتقديم المساعدة لسكان اليرموك. وقالت في النداء إن ظروف الحياة في المخيم تتفاقم على نحو «مأساوي»، مشيرة إلى أن نحو عشرين ألف شخص لا يزالون محاصرين داخله. وأضافت أنه «في حال عدم معالجة الوضع على نحو عاجل، قد يكون فات الأوان لإنقاذ حياة آلاف الأشخاص، ومن بينهم أطفال». يشار إلى أن أكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني يعيشون في سوريا، وقد انقسموا حيال الموقف من النظام. الأمر الذي جعل وضع الفلسطينيين في سوريا بالغ التعقيد والسوء، أحد الناشطين الفلسطينيين قال لـ«لشرق الأوسط»: «للأسف اللعبة واضحة جدا والمؤامرة التي يتكلم عنها الممانعون والمقاومون اتضح أنها مؤامرة على دم الشعب الفلسطيني فالرئيس أبو مازن مهتم بالمغنيين والفنانين لكنه غير معني نهائيا بالفلسطيني الذي يموت جوعا في المخيم وأضاف الناشط الذي رفض ذكر اسمه أن «من يموت جوعا في المخيم دماؤه بعنق الرئيس أبو مازن وقيادات الفصائل التي لم يعد لها أي دور وبعنق عشاق الأسد من القادة الفلسطينيين الذي طالما أذلهم وتاجر بقضيتهم».