لكي لا أقع في تكرار ما كتبت في مقالات سابقة مع ما سأكتبه في مقال اليوم أو مقالات لاحقة، ردا على بعض من تخصص في الطعن في وزارة التربية والتعليم من كتّاب ومن جمعيات سياسية مذهبية نذرت النفس ومن تبعها جميعا على أن يُلقوا بعقدهم الطائفية التي كان لهم سبق نشرها على الملإ في دوارالعار، فإني لم أشأ أن أعِدَ القارئ الكريم بجزء ثان لمقالة يوم الجمعة الماضي وقد كان بعنوان دعوا وزارة التربية تعمل ظنًا مني بأني سوف أصرف النظر عن فعل ذلك بسبب كثرة المرات التي فيها تناولت هراء ما يطرحه كتاب معدودون ومحدودون ومحددون ممن تعرفونهم وقد تخصصوا في كيل صنوف الاتهامات والعيوب لكل إجراء إداري تتخذه الوزارة. ليس عجبا أن يكون الوصف الدائم لكل الإجراءات الإدارية والفنية المتخذة هو التمييز. لكن، أي تمييز؟! الحقيقة لا تعرف طبيعة التمييز هذا الذي يرددون. ما أعرفه حقيقة أنهم لا يحددون. وهذه مشكلتهم. ولكن، وبما أن موضوع التربية والتعليم مهم في كل جوانب الحياة، وهم يستغلون ذلك، آثرت أن أعاكس ظنوني وأنصاع إلى تأدية واجباتي عائدا إلى تتمة ما بدأته في مقال يوم الجمعة الماضي تحت ضغط المصلحة وأقرر الكتابة؛ إذ أن المصلحة الوطنية تكمن في عدم ترك الساحة الإعلامية نهبا لمن لا أعتقد أن المصلحة الوطنية في وارد حساباتهم، وأقصد هنا الأقلام التي درجت على تصوير الوزارة على أنها تضمر عداءً لفئة من الناس، وهي التي استمرأت منذ خمس سنوات اللعب على وتر الطائفية بصفتها سلوكا عاما يمارس في الوزارة على أعلى مستويات اتخاذ القرار وفي أدنى مستوياته مصورين للمواطن أن العاملين في الوزارة جماعة من النهابة الذين لا يتوافرون على حس ولا ضمير ولا أخلاق! ولهذا وجدت أن مواجهة مثل هذه الأقلام والرد عليها حتى وإن كان بكلام مكرر بعض الشيء لا ينبغي التخوف منه إذا كان منسجما مع ما تتخذه الوزارة من إجراءات تستند إلى قيم العدالة ومبدأ المساواة بين أبناء الوطن الذين هم في عرف الوزارة وقوانينها عضو واحد في جسد واحد. هذا القول ينتمي إلى الواقعية وليس إلى السوريالية، ينتمي إلى بحرين الآباء وليس إلى إفرازات مذهبية. وبقراءة بعض مما كُتب في الأيام الآفلة من الشهر الأول من العام الجديد، عام 2016، يتضح دونما لبس جهد مبذول من الكتاب المناوئين للوزارة في إخلاء الساحة الإعلامية إلا منهم؛ ليمارسوا صنوف الشحن والتحريض والضغط على الوزارة من خلال الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة عنوان واحد أوحد تلبسوا به والتبس بهم وهو التمييز. كل ما تقوم به الوزارة، حسب ما يطرحون، هو تمييز وعدم مساواة. لكن أحدا منهم لا ينبس ببنة شفة ويذكر تمييز من على من، وإن كان على من معروفا بحسب الخلفية الدوارية الطائفية المذهبية. وبالمناسبة يمكننا أن نشير في هذا الصدد إلى أن التمييز هو أحد القضايا التي تتناولها الوزارة في أكثر من مقرر دراسي باعتباره آفة ينبغي القضاء عليها أينما وجدت، ولعلي هنا أقول إنه لربما كان من المفيد لمن يتهم الوزارة بذلك ينتظم في صفوف الطلبة ليأخذ نصيبه من التعليم في هذا الجانب، خصوصا وأن الدوار أظهر مستويات من التمييز الطائفي تمتع بها مثقفوهم وكتابهم قبل بسطائهم وأكثر منهم. ولعله من المناسب هنا أن نشير إلى ما كتبه أحدهم، ولكن قبل ذلك نود أن نشير إلى ملاحظتين رئيسيتين: الأولى وهي: إن الكتّاب الذين نذروا أنفسهم للطعن في كل إجراء تتخذه الوزارة بظن التمييز وباتهام على الـخروج على المواطنة المتساوية محدودو العدد، ولأكون أكثر دقة فإن عددهم أربعة في جريدة واحدة ينضم إليهم بشكل موسمي رابع، أما واحد آخر فهو من جريدة أخرى، ويضاف إلى هؤلاء الخمسة ما يسمى بـفريق التعليم في جمعية الوفاق. أما الملاحظة الثانية فهي أن الثلاثة الذين يعملون في جريدة واحدة يتناوبون في إشغال الرأي العام بمعلومات من بُناة أفكارهم، أو قل مما تمليه عليهم طائفيتهم المستمدة من الخلفية المذهبية الآسرة لكل الكتابات سواء تناولت الشأن الوطني أو الإقليمي أو حتى العربي في صلته بما يسمونه بـالربيع العربي. نعود إلى ما كتبه أحدهم وهو ممن يتبنون طرح فريق التعليم بجمعية الوفاق في كل ما يتعلق بمسألة البعثات والوظائف والترقيات. هذه المسألة كما ترى قارئي الكريم تصبح في يوميات كتاباتهم ثلاث مسائل تُدخل عنوة في عنوان واحد يسمونه تمييزا. يقول الكاتب في ثنائه على مقترح لنائب قدم مقترحين بقانون ينص على حصر معيار الحصول على البعثات بالمعدل الأكاديمي للطالب وإلغاء النظام المعمول به حاليا، والذي يخصص فيه للمقابلة نسبة كبيرة من التقييم. في ما يتعلق بما أسلفت فإنه بتصوري أن الوزارة بُحَ صوت مسؤولييها وهم يعيدون ويكررون إنها تضمن حق المتفوق- أي طالب بحريني كان- حاصل على 90 في المئة وأكثر في الحصول على بعثة أو منحة دراسية، وإن المعدل التراكمي يبقى المعيار الأساس في التنافس على البعثات والمنح، وإن اختبار القدرات والمقابلة الشخصية دورهما جزئي الهدف منه توجيه الطلبة لاختيار تخصصاتهم الأكاديمية المناسبة لقدراتهم واتجاهاتهم وميولهم والتخصصات المطروحة في خطة البعثات والتخصصات المطلوبة في سوق العمل. ليس لدي ما أعلق عليه إلا بتوجيه هذين السؤالين: هل في مثل هذا الطرح تمييز؟ والآخر هو: أليس هو معيار يطبق على كل طلبة البحرين المتفوقين من دون تمييز؟ هناك، على ما أفهم، سؤال لربما راود القراء الكرام. السؤال هو: ما الذي دفع وزارة التربية والتعليم إلى إعادة النظر في معايير الابتعاث السابقة؟ في الحقيقة لم أكن على علم بالسبب. توجهت بذات السؤال إلى أحد المسؤولين بالوزارة فقال الآتي: المعيار الوحيد في السابق كان التحصيل الأكاديمي، دون اعتبار لمهارات الطالب ولا لقدراته ولا حتى توجهاته وميوله الدراسية. وحدها المتابعات أثبتت أن العديد من الطلبة المبتعثين وفقا لمعيار واحد قد أخفقوا في دراستهم أو تسربوا أو طلبوا إعادة توجيههم. هذه هي الحقيقة. انتهى كلام المسؤول. إذاَ المئات من الطلبة كانوا يتوجهون إلى تخصصات يرغبون فيها بشدة، يفشلون في مواصلة دراستهم ويتسربون أو يطلبون تغيير تخصصاتهم في أثناء الدراسة مما يعني خسارة لهم ولموارد الوزارة ولخطة البعثات. فأين يا تُرى المكابرة والغطرسة والعجرفة التي يتحدث عنها كاتبنا في كل مرة يطرح فيها مسألة البعثات بهدف إشغال الرأي العام بقضايا متوهمة؟ أنا لدي سؤالان لكل من يتهم الوزارة بالتمييز هما: هل فعلا تعني لكم شيئا خسارة الوزارة أو خطة البعثات؟ وهل تهمكم فعلا مصلحة الطلبة بعد أن خبرتم أننا في بلد لا تعدل فيه الإجراءات إلا بناء على دراسات معمقة واستشارات من الخبراء؟ بهذين السؤالين أتوجه إلى الكتّاب الأربعة مضافا إليهم فريق التعليم بجمعية الوفاق عسى أن يتريثوا عندما يطرحون المسائل، وخصوصا عندما تكون بحجم مسألة التمييز.أعود وأقول دعوا الوزارة تعمل لأن لديها الكثير لتنجزه.