×
محافظة المنطقة الشرقية

سلمان بن إبراهيم يبحث مع هزاع بن زايد مستجدات تنظيم كأس آسيا 2019

صورة الخبر

نتناول أشواك التطرف، وهي بالغة الأثر والتأثير، ويعود هذا التناول المر إلى غياب التعريف الحقيقي لمفردة «تطرف» وتمييعها بخبث، لا سيما أن ثمة سقوطاً مفاجئاً وبلا مقدمات لمصطلحات كانت في حاجة إلى التمهيد والشرح، وتقديمها على طاولات الخطورة والخوف والريبة، نيابةً عن مرورها وديعةً هادئةً على اعتبار أن لا شيء يستحق أن نعرفه عنها أكثر من إضافة شكلية الى مخزون معرفي هش. لو طلبت من أحدهم أن يشرح لك ماذا يعني التطرف أو يقدم ببساطة شديدة مفهومه عنه، لتأكدت أن مصطلح التطرف دخل الأجواء في مشهد ملغم مجهول، وبات التحذير منه كمصطلح في إطار تنظيري عام لا يصل بنا إلى نتيجة واضحة أو يضع النقاط المناسبة على الحروف المحتاجة، ولنظل منذ تذوقنا مرارته في مربع التحذير منه من دون أن نقفز إلى مربعات أكثر فاعلية، ومن الأجدر أن نذهب إليها فعلاً. السؤال الساخن يقول: هل لدينا تعريف صريح واضح شامل لمفهوم المتطرف؟ ما أراه أننا نظن أن ثمة معنيين، واحد لا يعنينا وآخر تستدعيه لوازم الخصوصية وحاجتنا الماسة إلى تفكيك الضمائر المستترة والأدمغة التي تمكّنت من اللعب على أطراف هذه المساحة الملغمة، بينما الملموس هو سفرنا مع المعنى الذي نعتقده عاماً، ونضيِّق دائرة التعريف لتكون دائرة الانجراف في تنظيمات مشبوهة أو الطلب بقوائم إرهابية معلنة. هل يحصر التطرف في التعريف الدارج الشهير وفي أنه استخدام «وسائل غير مقبولة من المجتمع مثل التخريب أو العنف للترويج لجدول أعمال معين»؟، حصره في هذا التعريف ممهد لنمو متطرفين لا يتحركون في هذا الإطار ولا يقربهم اتهام ولا مساءلة، لكنهم يدفعون بمن يتحرك ويلعب في بطن التعريف بعد نزع العقل تماماً بمباركة دروس التحريض والتجييش والحقن. من المعلوم تماماً من هم أكثر الذين يمارسون التطرف، وقد نراوغ ونختلف ونغضب إذا ما ذهبنا بهدوء إلى سر هذه الممارسة وما المكاسب التي يراد من ورائها، ولا أظن عاقلاً يجهل السر والمكاسب، وإن جهلها فذاك يقود إلى أن هناك من يعبث به في الزاوية التي يعبث بها ممارسو التطرف وصانعو طائراته الورقية الساقطة مع الوقت. ولا أظن العاقل أيضاً يحب أن يكون فريسة لذئاب خارجية جائعة أو جسداً فارغاً يوجه لمخططات الدفاع بالنيابة وتجارب قطع الرؤوس وقذارة الأحزاب والجماعات المجتمعة على مصلحة والمتفرقة على مصلحة أخرى، لكنّ بيننا متطرفين بالسر يعجبهم أن نحترق من أجل نوايا سامة، ويرسمون لإطاحة كيان وتراب. قد تصنع الرياضة متعصباً، وقد يساهم الشارع في تنشئة «شوارعي»، وقد تقنعنا الشاشات بـ «رمز»، وقد تضحك علينا دكاكين بيع الكلام بـ «مناضل»، لكن الظروف الحرجة والتحديات المصاحبة لها شرحت لنا كم من وطني «مزيف»، وكم من متطرف مسكوت عنه لأننا لم نصل بعدُ إلى آلية ضبط جريئة عن المتطرف ظاهراً كان أم مستتراً، ولا نزال في الدائرة الضيّقة والاتهام المطاط بالتطرف لمن يُضْبَط صراحة في فعل إرهابي أو ينزلق لسانه بجملة لا تقبل التأويل ولا التبرير، لتظلّ حماستنا في جمل التنظير من دون أن نذهب لما هو أدق وأخطر في مأساة «التلوث الفكري».