بدأ خبراء من منظمة الصحة العالمية اجتماعاً طارئاً أمس الاثنين، لتحديد ما إذا كان انتشار فيروس زيكا الذي يشتبه بأنه يسبب تشوهات خلقية يشكل حالة طوارئ للصحة العامة في العالم. وكانت المنظمة حذرت الأسبوع الماضي من أن الفيروس الذي ينتقل بلسع البعوض ينتشر بشكل واسع في الأمريكتين وتوقعت إصابة ما بين ثلاثة وأربعة ملايين شخص به في تلك المنطقة هذا العام. وقالت مديرة المنظمة مرغريت شان إن علاقة الفيروس بزيادة حالات صغر الجمجمة لدى المواليد الجدد موضع اشتباه قوي مع أنها لم تثبت بشكل نهائي. كما يعتقد أن زيكا له علاقة باضطراب عصبي يدعى متلازمة غليان-باري. وكانت البرازيل التي تشهد أوسع انتشار للفيروس، حذرت منذ أكتوبر / تشرين الأول من الارتفاع غير العادي في عدد المواليد المصابين بصغر الجمجمة في شمال شرق البلاد. ومنذ ذلك الحين سجلت 270 إصابة مؤكدة بصغر الجمجمة مع الاشتباه ب 3448 حالة أخرى، مقابل 147 طوال عام 2014. وأوصت كولومبيا والسلفادور والإكوادور والبرازيل وجامايكا وبورتوريكو النساء بتجنب الحمل قبل السيطرة على وباء زيكا. وفي أوروبا وأمريكا الشمالية سجلت عشرات الإصابات بالفيروس لدى أشخاص عائدين من عطل أو رحلات عمل إلى الدول التي ينتشر فيها الفيروس. ودعت مديرة المنظمة إلى هذا الاجتماع المغلق لبحث ما إذا كان الوباء يجب أن يعتبر حالة طوارئ للصحة العامة على نطاق دولي. وبدأ الاجتماع الذي يجري على شكل مؤتمر هاتفي بين مسؤولين في منظمة الصحة العالمية وممثلين لدول ينتشر فيها الوباء وخبراء. وهذا النوع من الاجتماعات نادر ويدل على قلق المنظمة من انتشار للفيروس على المستوى العالمي. ويبدو أن المنظمة التابعة للأمم المتحدة تريد محو ذكرى الانتقادات التي تعرضت لها بعد تحركها الذي اعتبر ضعيفا جدا في مواجهة وباء إيبولا الذي شهدته إفريقيا مؤخرا. وينتقل الفيروس زيكا بلسع بعوض يسمى البعوض النمر. وهو يتسبب بأعراض شبيهة بالإنفلونزا (ارتفاع الحرارة ووجع في الرأس وألم في المفاصل) لكنه يمكن أن يؤدي لدى الحامل إلى تشوه خلقي لدى الجنين الذي يمكن أن يولد بجمجمة أصغر من الحجم الطبيعي وهو ما يعرف بصغر الرأس. وامتنعت منظمة الصحة العالمية حتى الآن عن إصدار توصيات تتعلق بالسفر إلى المناطق التي ينتشر فيها الفيروس مشيرة إلى أن أفضل وقاية من المرض هي إزالة المياه الراكدة التي ينتشر فيها البعوض واستخدام مواد تطرد هذه الحشرات أو ناموسيات. ولا علاج حتى الآن للمرض الذي يتسبب به الفيروس بينما تؤكد منظمة الصحة العالمية أن إعداد لقاح يحتاج إلى أكثر من عام. ويحمل الفيروس اسم غابة تقع في أوغندا حيث كان علماء يجرون أبحاثاً عن الحمى الصفراء لدى القردة. ومع إجراء تحليل لدم القردة عثروا على الفيروس الجديد وسموه زيكا، كما كشفت مقالات نشرت في 1952. وبعد 70 عاما، ما زال العلم عاجزا عن التوصل إلى لقاح ضد هذا الفيروس أو علاج فعال له، وما زالت السلطات الصحية الأمريكية تصفه بأنه فيروس جديد. ويقول جوليو لوتاوانا الباحث في المعهد الملكي البريطاني للأمراض الاستوائية إن ما حدث هو أن الفيروس الذي انتقل إلى أمريكا الجنوبية تغير قليلا وهذه التعديلات التي طرأت عليه جعلته اكثر فتكاً. ويشعر الأطباء بالقلق من أن يؤدي انتشار الفيروس إلى زيادة في عمليات الإجهاض السرية الخطرة في البرازيل. وعمليات الإجهاض غير مشروعة وفقا للقانون البرازيلي باستثناء حالات الاغتصاب وعندما تكون حياة الأم مهددة. ودفع الانتشار السريع لفيروس زيكا في 22 دولة في الأمريكتين بعض الحكومات إلى توجيه النصح للنساء بتأجيل الإنجاب. فقد أوصت السلفادور النساء بمنع الحمل لمدة عامين. كما أثار كذلك جدلاً بشأن إباحة الإجهاض في المنطقة التي تنص قوانين العديد من دولها على قيود صارمة عليه. من جانب آخر، أعلنت الوكالة الإقليمية الفرنسية للصحة عن تفشي فيروس زيكا في جزيرة مارتينيك ووضعها على المستوى الثالث في برنامج المراقبة والتحذير والتحكم في الأوبئة. ونقلت مصادر إعلامية عن تقرير للوكالة أوضح أنه تم تسجيل 1255 حالة تحمل أعراض فيروس زيكا وتم التأكد من إصابة 102 حالة بهذا الفيروس الشرس بينها ست سيدات حوامل، ولا يوجد له علاج حتى الآن. وأشار التقرير إلى أن أول حالة تم تسجيلها في الجزيرة الفرنسية كان في 18 ديسمبر/كانون الأول 2015 كانت لشاب يبلغ من العمر 19 عاماً وقد تحسنت حالته الصحية بعد إقامته في المستشفى لمدة 15 يوماً. ودعت منظمة الصحة العالمية حكومات إقليم شرق المتوسط إلى العمل معاً للحفاظ على الإقليم وحمايته من فيروس زيكا، مع استمرار انتشاره في الأمريكتين ورصده في 24 بلداً حتى الآن. وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط الدكتور علاء الدين العلوان، في بيان، نقلته وكالات أنباء، إن الفيروس الذي ينتشر بواسطة نوع من البعوض، موجود في عدد من بلدان الإقليم، ينقل أيضا حمى الضنك والحمى الصفراء وحمى التشيكونغونيا. ودعا حكومات المنطقة إلى اتخاذ خطوات لمنع الفيروس من الانتشار، مشيرا إلى أن معظم المصابين بفيروس زيكا يعانون من حمى خفيفة وطفح جلدي والتهاب الملتحمة، ويعرف أيضاً بالعين القرنفلية. وقال إن هناك زيادة حادة غير طبيعية حدثت في ولادة أطفال ذوي رؤوس صغيرة الحجم ومتلازمات عصبية، دون أن يثبت حتى الآن على وجه اليقين أن الفيروس يسبِّب تشوهات خلقية، ولكن الأدلة تشير بقوة إلى أن هناك صلة والتقصيات لا تزال جارية. وأضاف: وحيث إنه لا يوجد علاج أو لقاح متاح حالياً، فإن أفضل وسيلة من وسائل الوقاية هي الحماية من لدغات البعوض. وقالت المنظمة إنها لا توصي حالياً، بفرض أي قيود على السفر أو التجارة ولكن سينظر في هذا القرار دورياً، لأن الوضع يختلف بين بلد وآخر. (وكالات)