< يرقد هاشم الدريسي على سريره في المستشفى وهو يعاني من إصابات متفرقة نتيجة تطاير شظايا أخضعته لدخول غرفة الجراحات أمس، ووضعه الصحي مستقر، إلا أن ملامح وجه أصغر المصابين في حادثة مسجد الإمام الرضا في حي محاسن أثارت استغراب كل من زاره، فهذا الطفل الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره ينظر بقوة وصلابة ويتحدث وكأنه أصيب في حادثة بسيطة ولم يدخل ضمن ضحايا هجوم إرهابي مرعب، فهو بحسب قوله: «لا يخاف الإرهابيين». لم يصب هاشم وحيداً في الحادثة، بل كان برفقة أخيه الأكبر عبدالعزيز الذي يكبره بخمسة أعوام، ولا يزال يذكر بطولة أخيه الذي رمى بنفسه عليه لينقذه من الرصاص والشظايا ليصاب بها ويخفف عن أخيه الأصغر الإصابة التي يمكن أن تكون أخطر لولا تضحية عبدالعزيز أو كما يحب أن يسميه «عزوز». كان الأخوان برفقة والدهما في المسجد، إلا أنه لم يصب سوى بالفزع على أبنائه، ويقول: «كانا قويين وزاداني قوة وإصراراً، وأنا سعيد بشجاعتهما فهما بطلان، ولن أنسى كيف ارتمى عبدالعزيز على أخيه لينقذه، هذا مشهد يفتخر به كل أب، بل وينقله للأجيال بعزة وافتخار، فهما كانا رجلين أمام هذا الموقف الجبان»، مضيفاً: «سمعت منهما عبارات التشجيع وأكثر ما أثر في شخصياً أمنيتهما بأن ينالا الشهادة، بل وينتظران الصلاة في المسجد بفارغ الصبر، هذا ما لا يعيه الإرهابيون بأننا وأبناؤنا لا نخاف الموت لأننا على حق وهم على باطل». ويقول عبدالعزيز: «كانت أحداث مروعة في وقتها، فنحن لم نعتد عليها في الأحساء، لكن لن يستطيع الإرهابيون زرع الخوف في قلوبنا، وسنعود للصلاة جماعة، وهم يظنون أننا سنخاف الذهاب إلى المساجد وأنا أقول لهم نحن لا نخاف بل هم من يخافوننا». يرقد الأخوان في مستشفى الموسى وهما يتماثلان للشفاء، وأصبحا من الوجوه التي يحرص الطاقم الطبي والتمريضي والإداري وحتى زوار المستشفى على زيارتهما، ويفاجئان الجميع بقوتهما وتحملهما. وعلى رغم البراءة التي تشكل تفاصيل وجه هاشم، إلا أن نظراته القوية تجعل منه طفلاً كبيراً. وعن تفاصيل الحادثة سردا الهجوم لحظة بلحظة، وكأنهما يقصان فيلماً سينمائياً شاهداه معاً، فلم تؤثر هذه الأحداث سلباً فييهما بل زادتهما قوة وتماسكاً، وأكثر المواقف التي توقفا عندها هي لحظة الانفجار حين ساد الظلام بعد انقطاع الكهرباء، وتطاير الرصاص وصراخ المصلين وآلام الشظايا، «فهي مؤلمة جداً» بحسب هاشم.