محمد إبراهيم فايع فيما مضى كانت الأسرة السعودية تمتاز بـ “الترابط”، وكذلك “التواصل” بين أفرادها، ومن أبرز سماتها آنذاك أن “التقدير، والاحترام، والتعاطف” كانت السمة السائدة في العلاقات بين صغارها وكبارها، أما في عصرنا الحالي، فأستطيع القول إن بعض الأسر فقدت كثيراً من تلك السمات، التي كانت تتميز بها حيث أصبح التنافر هو الغالب على العلاقات بين أفرادها، وتباعدت المسافات بين الأشقاء، وأصبح الأب والأم مشغولين بحياتهما الخاصة، والركض خلف رغباتهما الحياتية، فضاع الأطفال وسط هذا الغياب الأبوي، واتسعت رقعة الخلافات عند أبسط اختلاف في الآراء والقضايا، ثم دخل على الخط مَنْ ينتهز ضعف السلطة الأسرية في التربية، وذلك الغياب من قِبل الوالدين لـ “يربي، ويعلم، وينشئ أطفال الأسرة”، ولكن وفق أهداف هذا الدخيل، وأيديولوجياته، مثل: الإعلام، الأصدقاء، وسائل التواصل الاجتماعي، العمالة المنزلية، والغرباء الذين يتم التعرف عليهم عبر ألعاب الأجهزة الإلكترونية. هذا إذا ما علمنا بغياب “القدوة” داخل الأسرة، كما غاب بالأمس داخل “الأسرة العنقودية”، وغياب “كبير الأسرة” الذي كانت له كلمته، ووجوده، اللذين يقويان من الانتماء إلى الأسرة، ويحفظان لكبارها الاحترام، ولذلك نجد الأسرة اليوم، علاوة على “التشرذم في العلاقات بين أفرادها”، تفتقد إلى الحوار بين أفرادها، مقابل العنف الذي يطغى على أجواء الأسرة، حتى إنه يتمثل أحياناً في صور مخيفة، مع ظهور أمراض نفسية تتمثل في الانطواء، والانعزالية، وقد يتطور الأمر إلى ما هو أخطر من ذلك، ما يؤثر على مستقبل الطفل، والأسرة بشكل عام، ولذلك لابد من تدارك الأمر، وإعادة دور الأسرة إليها، وتنمية علاقات أفرادها، وتوظيف دور منبر المسجد، والإعلام، وكذلك المدرسة للتذكير بدور الأسرة، لأن المجتمع ككل هو عبارة عن أسر، تشكل نسيجه، والحفاظ عليها يعني الحفاظ على وحدة وتلاحم المجتمع وهويته.