عزا المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ستيفان دو ميستورا، من جنيف، أخيراً، تأخير المباحثات المقرر عقدها بشأن سوريا قريباً، إلى إشكاليات دبلوماسية الربع ساعة الأخيرة، حيث المساعي مستمرة لتوحيد صفوف المعارضة المتشرذمة، وحضها على لقاء الرئيس السوري بشار الأسد. وحذرت مجموعات سورية معارضة بارزة، في الوقت عينه، من أنها ستقاطع المحادثات مجدداً، إذا عرقلت دمشق مسيرة التنازلات التي تتضمن رفع الحصار، ووقف الغارات الجوية، وإطلاق السجناء. وشدد دو ميستورا، أثناء الحديث عن توزيع دعوات الحضور، على أهمية ضم أوسع شريحة ممكنة من الممثلين عن مجموعات المعارضة السورية. إلا أنه رفض، على نحو لافت، التعليق على أسماء الأشخاص المقرر دعوتهم، مشيراً إلى وجود نقطة خلاف رئيسة عصية على الحل، تعوق الانطلاق بمحادثات السلام. وكانت محادثات السلام الهادفة لإنهاء حرب أهلية دامت قرابة خمس سنوات في سوريا، قد تأجلت في وقت سابق، جراء حالة الجمود التي تعتري مسألة تمثيل المعارضة المنقسمة في البلاد، حسب ما ذكرت الموفد الأعلى للأمم المتحدة المفوض التوصل إلى تسوية. وتسطر مباحثات السلام حول سوريا في حال بدئها، المسعى الدبلوماسي الأساسي الثالث لإنهاء الحرب التي اشتعلت نيرانها عام 2011. وأودت مذّاك بحياة ما يزيد على 250 ألف شخص، وأفضت عنوةً إلى أزمة لاجئين، هي الأضخم منذ الحرب العالمية الثانية. كما أنها ستبرر ضغوط اللحظة الأخيرة التي مارسها وزير الخارجية الأميركي لجلب المعارضة السورية إلى طاولة الحوار. وقد أجرى كيري جولة أفق، أخيراً، على عدد من مسؤولين إقليميين، شدد من خلالها على ضرورة عدم مقاطعة أبرز قادة المعارضة السورية، المحادثات، في حال دعت الأمم المتحدة فصائل معارضة مناوئة، تعتبر بنظر الفرقاء الآخرين مقربة جداً من الأسد، ولا يمكن الوثوق بها. النقاط الخلافية إلا أن تلك ليست النقطة الخلافية الوحيدة، إذ أعلنت اللجنة العليا للمفاوضات، المفاوض الرئيس باسم ائتلاف واسع من هيئات المعارضة، عدم مشاركتها في محادثات، إلا إذا عمد نظام الأسد أولاً إلى إطلاق سراح السجناء، ووقف أعمال القصف، ورفع الحصار. وقال عضو لجنة المفاوضات محمد علوش، إن كيري قد مارس عدة ضغوط لثنينا عن المطالبة بحقوقنا الإنسانية، والذهاب للتفاوض عليها. وأكد مسؤول في وزارة الخارجية، أخيراً، على ممارسة كيري الضغوط على جميع الأطراف للتخلي عن شروطها المسبقة، وأشار إلى أن الدبلوماسي الرفيع، كان بذلك لا يبالي مطلقاً بالأزمة الإنسانية الملمة بسوريا. وقال المسؤول، الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه: ليس هناك من شخص أكثر اهتماماً بالوضع الإنساني في سوريا أكثر من كيري، ولا يتعلق الأمر هنا بالتخلي عن الحقوق، بل الذهاب إلى طاولة المفاوضات للتمكن من استعادة السلام وحقوق الإنسان معاً. صعوبة القرار النهائي أما بالنسبة للمعارضة السورية، فلا يزال من الصعب اتخاذ القرار النهائي حول الذهاب إلى طاولة المفاوضات من عدمه. وتخاطر اللجنة العليا للمفاوضات، بخسارة مصداقيتها إزاء الشعب السوري، إذا أصرت على تنفيذ المطالب الداعية إلى وقف الغارات الجوية وإطلاق السجناء، على حدّ تعبير إيفان باريت نائب مدير فرق العمل المعنية بحالات الطوارئ في سوريا. وقال باريت في حديث صحافي، إن مثل تلك الشروط المسبقة تظهر أنهم ملزمون بتحقيق شيء ما لمواطنيهم المحاصرين بنيران الحروب. وبعد أن تقدموا بتلك المطالبات وتم رفضها، فإن ذهابهم إلى جنيف للمشاركة في مباحثات السلام، يعني أنهم سيفقدون مصداقيتهم أمام الشعب السوري داخلياً، ويظهرون بمظهر العملاء الذين ينفذون أوامر أسيادهم الإقليميين والغربيين في نهاية المطاف. تطمينات أشار ميستورا إلى أن المباحثات ستستمر ستة أشهر، حيث تمتد الجولة الأولى من المفاوضات لأسبوعين أو ثلاثة. وسينصب تركيز الدبلوماسيين أولاً، على العمل على وقف إطلاق النار، وإنشاء معابر آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية. وستتضمن المفاوضات المسماة بـ المباحثات بالوكالة، لقاء كل من المعارضة والنظام مع دبلوماسيين في غرف منفصلة لتبادل الرسائل في ما بينهما. ومع أن كيري قد أكد أن الفترة المقبلة ستكون كفيلة بالكشف عن هوية الجهات المدعوة، إلا أنه قال: ينبغي أن نعقد اللقاء وننطلق بالمباحثات. لكن ما نحاول القيام به، هو أن نتأكد أنه عند انطلاق المفاوضات، أن يكون واضحاً للفرقاء، الدور الذي يقومون به ومجريات الأمور، بحيث لا ينتهي الأمر بهم بالإخفاق.