أعلن المغرب قبل سنوات عن استراتيجية الحكومة الإلكترونية التي تهدف إلى استفادة الإدارات العمومية من التطوّر التكنولوجي لمزيد من التواصل مع المواطنين، ولتمكينهم من خدمات كانت تستدعي منهم زيارة البنايات العمومية مع ما يستدعيه ذلك من وقت وجهد، وقد مكّنت الاستراتيجية من تقديم خدمات مهمة، من أهمها بوابة الخدمة العمومية وبوابة التشغيل العمومي وبوابة وطنية شاملة، زيادة على عدد مهم من المواقع الخدماتية. غير أنه وفي الجانب الآخر، وبعد مرور سنوات على إطلاق هذا المخطط ضمن استراتيجية المغرب الرقمي، بكلفة وصلت إلى 2,2 مليار درهم، تظهر استفادة مواقع الوزارات من التطور التكنولولجي في التواصل شحيحة، لا سيما في التواصل عبر الشبكات الاجتماعية، كما أن بعض الوزارات المغربية، لا تتوّفر إلى حد اللحظة على مواقع إلكترونية خاصة بها، زيادة على غياب اللغة العربية في مجموعة من المواقع. وزارات دون مواقع رغم توفيرها لمواقع خاصة بعدد من الخدمات الإلكترونية، منها موقع خاص بجواز السفر وآخر بالبطاقة الوطنية والشباك الإلكتروني الخاص بطلب الوثائق الإدارية، إلّا أن وزارة الداخلية لا تتوّفر إلى حد الآن على موقع إلكتروني خاص بها، ولا كذلك على حسابات رسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما تتواصل مع الرأي العام عبر بلاغات صحفية ترسل عبر البريد الإلكتروني أو تصريحات الوزير محمد حصاد. وإن كانت الداخلية هي أهم وزارة مغربية لا تتوّفر على موقع خاص بها، فإن عددًا من الوزارات المنتدبة لا تتوفر على مواقع إلكترونية، وهو معطى يمكن تفهمه بالنظر إلى تداخل اختصاصات مجموعة من هذه الوزارات مع الوزارات الأم التي تفرّعت عنها، كما عليه الحال بالوزارات المهتمة بالتربية والتعليم العالي، إلا أن هناك وزارات منتدبة باختصاصات مهمة لا تملك هذه الفضاءات الإلكترونية. ومن هذه الوزارات، هناك الوزارة المنتدبة المكلفة بإدارة الدفاع الوطني، والوزارة المكلّفة بالميزانية، بينما تنحصر المواقع الإخبارية عند الوزارات المنتدبة في موقع وزارة البيئة، وموقع وزارة الماء، وموقع وزارة الوظيفة العمومية، والوزارة المكلّفة بالتجارة الخارجية، ووزارة الشؤون العامة والحكامة. مواقع لا تعمل بالعربية رغم أن دستور المغرب يؤكد على أن العربية هي لغة رسمية للبلاد، غير أن أربعة وزارات مغربية تتوّفر على مواقع بدون لغة عربية، وهي مواقع وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، ووزارة السكنى وسياسة المدينة (توجد أخبار بالعربية لكن تقسيم الموقع بالفرنسية فقط)، وموقع وزارة الطاقة والمعادن والبيئة، وموقع وزارة الماء. كما أنه رغم التنصيص على الأمازيغية لغة رسمية في الدستور، ثلاث وزارات فقط، هي من تتوفر على صفحات إلكترونية بالأمازيغية، وهي الوزارة المكلّفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، ووزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة النقل والتجهيز واللوجيستيك، بينما تغيب الأمازيغية تقريبًا من بقية المواقع، بما فيها موقع رئيس الحكومة، إلّا من وضع اسم الوزارة في أعلى الموقع بهذه اللغة. الشبكات الاجتماعية.. الطامة الكبرى تتكوّن الحكومة المغربية من 38 عضوَا باحتساب رئيسها عبد الإله بنكيران، غير أنه حوالي نصف وزارات الحكومة، لا تتوّفر على حسابات في فيسبوك أو تويتر خاصة بها، ومن أهم هذه الوزارات التي لا تستخدم هذا التواصل، زيادة على الداخلية، هناك وزارة العدل، ووزارة السكنى وسياسة المدينة، ووزارة الفلاحة والصيد البحري، ووزارة النقل والتجهيز والنقل، ووزارة السياحة، ووزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، ووزارة الطاقة والمعادن والبيئة. كما أن توّفر بعض الوزارات على هذه الحسابات لا يعني أنها تنشط فيها، فمثلًا الحساب الخاص بوزارة المجتمع المدني على فيسبوك ضعيف التحديث، كما يلاحظ أن بعض الوزارات تعوّض التواصل عبر هذه الحسابات بحسابات رسمية للوزير، تحمل اسمه، وهو ما يجعلها حسابات خاصة به وليس بالوزارة، وذلك في وقت لا تزال فيه تطبيقات الهواتف المحمولة غائبة عند غالبية الوزارات. الحكومة: هذه أدلتنا على التفاعل الإلكتروني " تتوفر الحكومة على حوالي 20 حسابًا مفعلًا على كل من موقعي فيسبوك وتويتر تضم صفحات خاصة للتفاعل المباشر مع الوزراء، بحيث يتم العمل بهذا الخصوص على مستويين، أولا تكريس حق المواطن في الخبر عبر نشر مختلف المستجدات المتعلقة بالعمل الحكومي، أما الثاني فيتعلق بالتفاعل المباشر مع أسئلة المواطنين، ويتم العمل على المستوى الحكومي من أجل التفاعل بشكل يومي مع أسئلة المواطنين على الشبكات الاجتماعية" يقول وزير الاتصال مصطفى الخلفي. ويضيف الخلفي لـCNN بالعربية:" على مستوى وزارة الاتصال فقط، وعلى صعيد الشبكات الاجتماعية، تم خلال السنة الماضية تعميم أزيد من 230 شريط فيديو يضم معطيات تتعلق بالعمل الحكومي، كما تم نشر أزيد 350 رسمًا توضيحيًا يضم أرقام ومؤشرات تخص العمل الحكومي، وأشير هنا إلى أن المغرب احتل الرتبة الأولى إفريقيا و 17 عالميا بمؤشر المشاركة الإلكترونية الصادر سنة 2014 عن الأمم المتحدة". ويتابع الخلفي:" بخصوص المواقع الإلكترونية الحكومية المغربية،فيتوفر المغرب على 498 موقع للقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية تضم 305 خدمة إلكترونية موجهة للمواطنين، وإجمالا، حقق المغرب تقدما بـ38رتبة في التقرير العام للحكومة الإلكترونية الصادر عن الأمم المتحدة سنة 2014، من أصل 193 دولة." جنكاري: هناك أمية إلكترونية عند الحكومة إجمالًا يتحدث الخبير في المجال الإلكتروني، رشيد جنكاري، أن المغرب لم يعرف لحد الآن وجود سياسة عمومية قوية في مجال التواصل الرقمي، معتبرًا أنه إذا كانت هناك وزارات معيّنة رائدة في الخدمات الإلكترونية، فإنه في المقابل هناك وزارات عديدة خارج مدار التاريخ وتعاني فراغًا رقميًا كبيرًا. وأعطى جنكاري، في حديثه لـCNN بالعربية، مثال وزارة الافتصاد والمالية التي تعمل مجموعة من مواقعها على تقديم خدمات إدارية في المستوى، بينما في الجانب الآخر، هناك وزارات غائبة في المجال الرقمي، مبرزًا أن التخلّف العام على مستوى المواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية، يزيد من التحديات على حكومة أضحت مطالبة اليوم بالتحوّل نحو "الحكومة الذكية" وليس فقط الإلكترونية. ويشرح جنكاري: "العالم يشهد تطوّرًا مطرّدًا نحو صحافة الموبايل والتطبيقات، وهو ما يزال غائبًا تقريبًا عند الحكومة، رغم أن المغرب يعرف بنية تحتية قوية في مجال الانترنت تُترجمها أرقام 20 مليون مستخدم للانترنت، فهذا التوسع الرقمي يقابله عدم قدرة الإدارة بشكل عام على مواكبته بخدمات حقيقة، إذ تبقى الأمية الرقمية إجمالًا هي السائدة".