مع اقتراب حملة الانتخابات المحليةمن نهايتها، تضع الأحزاب السياسية بالمغرب رئاسة المدن والجهات الكبرى نصب عينيها، وتلوح بوادر تنافس حادّ وشرس على رئاسة عدد من المدن وعواصم الجهات (المحافظات) إلى الحدّ الذي استحقت معه مدينة الدار البيضاء لقب دائرة الموت، ووُصفت المنافسة القائمة بجهة فاس مكناس بمعركة تكسير العظام، إلى جانب دوائر أخرى لا تقل عنها أهمية كمدن طنجة والرباط ومراكش ووجدة وأكادير. محمد يتيم يحذّر"الجهات التحكمية" من الحلم بالعودة بالمغربلما قبل 2011(الجزيرة) وبخلاف أحزاب الأغلبية التي أكّدتأنها ماضية في تحالفاتها على صعيد المدن والجهات، فإنه لم تظهر بعد أية مؤشرات تنسيق مسبق بين أحزاب المعارضة يضمن لها التفاهم على تسيير المدن الكبرى إذا ما حصلت فيها على نتائج متقدمة. مخاوف 2009 ورغمأن الانتخابات الحالية تجري في مناخ ما بعد الربيع العربي بعد إقرار دستور جديد أفرز في 2011حكومة وبرلمانا بصلاحيات واسعة، فإن جزءا هاما من الطبقة السياسية يبدي مخاوف من تكرار ما وقع في الانتخابات البلديةعام 2009 حين اتّهم حزب الأصالة والمعاصرة بكسر التحالفات المحلية القائمة في عدد من المدن، وأعاد تشكيلها مدعوماً من السلطة. ويقول عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية محمد يتيم للجزيرة نت إننا نتحدّث في كل مرة عمّا وقع في 2009لنذكّر بعض الجهات التحكمية التي تدّعيأنها قريبة من مراكز النفوذ والسلطة والقرار في البلاد، ونحذّرها من الحلم بالعودة بالمغرب إلى ما قبلعام 2011. وبرأي يتيم فإن الأساليب التحكمية بالمغرب لم تنته بعد، "والدليل على ذلك أن الحزب الذي وُلد من أجل التحكم لا يزال موجودا ويسعى ليُنشئ لنفسه عذرية سياسية، وإذا ما نجح هذا الحزب في مسعاه فستكون انتكاسة للحياة السياسية في المغرب". نور الدين مضيان: مؤشرات تكرار ما وقععام 2009 قائمة بهذه الانتخابات(الجزيرة) وفي الوقت الذي امتنعت فيه قيادات من حزب الأصالة والمعاصرة عن التعليق على هذا الموضوع، قال رئيس كتلة حزب الاستقلال بمجلس النواب المعارض نور الدين مضيان إن مؤشرات تكرار ما وقععام 2009 قائمة في هذه الانتخابات. وقال للجزيرة نت إن هذا الحزب الذي يقدّم نفسه بوصفه هيئة تمتلك النفوذ ومقربة من دوائر القرار، استعمل المال في انتخابات الغرف المهنية التي جرت قبل أيام، واشتغل بمنطق الوعد والوعيد، "ولدينا مؤشرات مفادها أن رجال السلطة يحابون هذا الحزب الذي يُراد له أن يكون محسوبا على المعارضة". وعن التحالفات المقبلةلتسيير المدن الكبرى، قال يتيم إن التوجه القائم هو المحافظة على التحالف الحكومي وتنزيله على المستوى المحلي، "ولو أن التحالفات في بعض المناطق تخضع لاعتبارات محلية". حسابات محلية من جانبه قال مضيان إن التنسيق بين الأحزاب السياسية على مستوى المدن لا يخضع لمنطق التحالفات البرلمانية وتصنيفها بين أغلبية ومعارضة، وإنما تخضع لحسابات محلية مرتبطة بخصوصية كل منطقة، "وهذا يعني أنه من الممكن أن نتحالف مع أحزاب في الأغلبية كحزب العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار، وأن لا يقع هذا التحالف مع الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة". وبالعودة إلى البيانات الرسمية فإن أحزاب المعارضة الأربعة وحدها تقدّمت بـ55 ألفا و49 مرشّحا للانتخابات البلدية متبوعة بأربعة أحزاب من الأغلبية رشّحت 51 ألفا و369، بينما تقدّمت باقي الأحزاب السياسية (21 حزبا) بـ23 ألفا و275 مرشحا، يتنافسونعلى 31 ألفا و503 مقاعد.