قضيت نهاية الاسبوع الماضي في بر الشمال، فمن موقع الى آخر في الرقعة الخضراء التي تمتد الى حدود المملكة والعراق ببساط أخضر، نتفحص اجهزتنا كلما توغلنا بهذا الجمال والطبيعة، ترن، لا ما ترن، لا شبكة.. الحمد لله لنقضِ الليلة بدون رنين وبدون وسائط الشبكات الاجتماعية المرهقة أحيانا، كما قال كاتبنا أمس الاستاذ شلاش الضبعان في زاوية «يوم بدون جوال». لكن الشبكة الهاتفية لم تعد ترفيها بل هي ضرورة في الاقتصاديات، مثلها مثل شبكة المواصلات والطرق السريعة، لكن ماذا نفعل للهيئة العامة للاتصالات المشرفة على تشغيل تلك الشركات والمنظمة لها، تلك الهيئة التي تشعر في يوم بانها القوية على شركات النقال وتمسك بمصالح العملاء، وفي يوم آخر ترى الشركات مسيطرة عليها، وفي يوم آخر ايضاً تكون الحلقة الاضعف بين الجميع. لكن هذا ليس موضوعي، فلقد عشت في الشمال طيلة ايام الغزو العراقي للكويت مراسلا لصحيفتي ولعدد من الشبكات الإذاعية الدولية، بعد هذا التاريخ، تغيرت المنطقة كثيرا، من حدودية ضيقة الى اكبر محطة ترانزيت بين اهم ملتقيات طرق دولية واسعة وشريان مواصلات هو الاضخم في منطقة الشرق الاوسط بفضل الضخ الحكومي التنموي من مدارس وجامعات ومستشفيات وطرق وصرف صحي. وجذبت الأخيرة العديد من استثمارات القطاع الخاص التي تنوعت ما بين صحية وخدمية متنوعة، كبرت الهجر، توسعت المدن والمحافظات، وزادت شبكات الطرق التي ربطت شرق المملكة بشمالها، هذا الشمال الساحر والمتنوع خاصة في ربيعه. لكن قمر هذا الشمال لم يكتمل ولم يستغل كرافد اقتصادي وسياحي جاء الوقت للنظر فيه، غير الموقع المؤثر ايضا كونه منطقة حدودية هي ملتقى كبير لعدد من دول الجوار تنشط فيه الحركة التجارية والاقتصادية كعادة المناطق الحدودية في العالم. في الشمال كنز سياحي مفقود، وربيع موسمه يمتد لأكثر من ثلاثة أشهر، وسكان من أطيب من سكنها، وبنية خدمية حكومية مشجعة، لكن تغيب عنه تنمية موارد هذه المساحات الخضراء التي تستقطب الاسر الخليجية والمحلية، ويغيب عنه مفهوم التنمية لدى بلديتها، ويغيب عنه استثماره اقتصاديات التصدير واعادة التصدير. ورغم كل ذلك فإن ربيع الشمال لا يحتاج رنينا، فهو ناهض، وقادم.