لا خلاف أن منظمة (القاعدة)، وجبهة النصرة المنبثقة عنها، حتى بعد أن غيرت اسمها، منظمة إرهابية تكتمل فيها كل شروط الإرهاب، ولكن ماذا عن منظمة (حزب الله) اللبنانية أليست هي الأخرى منظمة إرهابية تتوفر فيها وفي عملياتها داخل لبنان وخارجه كل شروط الإرهاب التي تتوفر في منظمة (القاعدة)؟.. ربما أن الفرق أن منظمة (حزب الله) الإرهابية تشارك علناً في تشكيلة الحكومة اللبنانية، بل هي الفصيل الأقوى هيمنة على الأرض في لبنان، كما أن «حسن نصر الله» زعيم الحزب يعيش دونما ملاحقة في أحد سراديب حزبه في بيروت، ويملك صوتا حكوميا رسميا يدافع عنه هو وزارة الخارجية والداخلية اللبنانيتان، كما أن لديه منصة إعلامية على الأرض، يتحدث منها كما يريد ومتى يريد، في حين أن زعيم القاعدة، الموازي لحسن نصر الله عمليا، «أيمن الظواهري» لا يستطيع أن يمارس القدر نفسه من الحضور والظهور وحرية الحركة. هنا يأتي السؤال: لماذا يتفق الأمريكيون والروس على حرب (جبهة النصرة) القاعدية بكل الوسائل المشروعة والاستخبارية، في حين تفلت منظمة حزب الله من الملاحقة والعقاب، رغم أن كليهما منظمتان إرهابيتان بامتياز؟!. الأمر الآخر المثير للاستغراب أن «سعد بن أسامة بن لادن»، والقائد القاعدي الشهير «سيف العدل» يعيشان مكرمين في كنف الإيرانيين، ويعلم الأمريكيون والروس ذلك، ومن هناك يشرفان على عمليات القاعدة ويوجهان عملياتها؛ فلماذا يتجاهل الأمريكيون هذه الحقيقة، وكأنها لم تكن، ويصبون سياط غضبهم و ملاحقتهم وقنابل طائراتهم على جبهة النصرة (السنية)، لمجرد أنها اصطفت كفصيل في مواجهة الأسد؟!. هذا التباين غير المفهوم إلا إذا مررته على معايير نظرية المؤامرة يجعلنا نقترب من الحكم قطعياً أن اللوبي الفارسي في الولايات المتحدة الأمريكية يعمل بكفاءة عالية، خاصة في ظل غياب أي لوبي سعودي أو خليجي يواجه الفرس، أو على الأقل يخفف من نفوذهم الواضح في دوائر صناعة القرار الأمريكي، والذي لا مناص من أننا أخفقنا في صناعته، منذ أول بعثة لنا في تلك الأصقاع البعيدة وحتى الآن. إيران وحش مخيف يتربص بنا وبأمننا واستقرارنا، والإيرانيون بكل وقاحة يعلنون رغبتهم في التمدد والتوسع وابتلاع البلدان العربية مهما كلفهم ذلك من تكاليف، ولديهم طابور خامس في الداخل العربي خونة عملاء يمهدون لهم تحقيق طموحاتهم؛ لذلك فالتعامل معهم له سبيلان لا ثالث لهما: إما الإذعان لهم والاستسلام والرضوخ لسيادتهم، أو المواجهة بكل السبل والأساليب، أما أولئك الذين يدعون للتفاهم معهم، فهم كمن يدعو الإنسان للتصالح مع الوحوش والثعابين. وكثير ما يطرح الأمريكيون سؤالاً استفهامياً: لماذا العرب، وأهل السنة بالذات منهم يكرهوننا؟.. وهم ينسون أو ربما يتناسون أنهم من خلقوا هذه الكراهية بهذا التعامل المجحف، والمجامل والمنحاز للإيرانيين، على حساب العرب وأهل السنة منهم على وجه الخصوص، وتحديداً في عهد أوباما، الذي ننتظر على أحر من الجمر متى يغادر البيت الأبيض إلى مزبلة التاريخ. وكما قلت في مقال سابق: الأمريكيون هم من ساعدوا الإرهاب السني المتأسلم بالظهور منذ أفغانستان وحتى سوريا وانحيازهم للإيرانيين. إلى اللقاء