استمر نزيف الاستقالات من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم على خلفية فضيحة الفساد التي طاولت وزراء مقالين، وارتفع عدد النواب المستقيلين إلى 7 بإعلان ثلاثة يمثلون الشق الليبيرالي في الحزب انسحابهم، وبينهم وزير الثقافة السابق أرتورول غوناي الذي اتهم الحزب الحاكم منذ 2002 بـ «الغطرسة وعرقلة عمل القضاء في التحقيق ضد الفساد». ترافق ذلك مع انقسام القضاء حول الفضيحة التي رفض الجيش التدخل في سجالاتها. وغداة كشف المدعي العام المكلف التحقيقات معمر أكاش مواجهته ضغوطاً منعت توسيع التحقيق، بادر رئيسه المدعي العام الجمهوري طوران شولاك إلى تكذيبه وإصدار أمر بعزله، بحجة أنه لم يطلعه على التحقيقات منذ بدايتها. في المقابل، عطل مجلس الدولة، أعلى سلطة قضائية إدارية، مرسوماً حكومياً مثيراً للجدل يجبر رجال الشرطة على إبلاغ رؤسائهم قبل تنفيذ أي عملية اعتقال في البلاد، كونه «مخالفاً لأبسط قواعد النزاهة، ويخضع القضاء لسيطرة الحكومة». ووسط هذه التطورات، نشرت صحيفة «سوزجو» وثائق رسمية تؤكد طلب المحقق أكاش اعتقال بلال نجل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، من بينها وثائق تكشف رفض الشرطة تنفيذ أوامر النيابة العامة والمحكمة. وصرح أردوغان في محافظة سكاريا امس، بأن «ما يحصل هو مؤامرة دولية من قوى ترفض أن تتحول تركيا إلى قوة إقليمية وتريد هدم اقتصادها»، علماً بأن سعر الليرة التركية انخفض مجدداً امس إلى أدنى مستوى وبلغ 2.1467 مقابل الدولار. واعتبر رئيس الوزراء أن «موقف تركيا المطالب بالديموقراطية في مصر والحرية في سورية دفع هذه القوى إلى العمل ضد حكومتنا». كما اتهم القضاء بـ «تجاوز صلاحياته وتحدي إرادة الشعب»، معلناً أنه سيرفع قضية ضد المدعي العام أكاش والهيئة العليا للقضاة. واعتبرت وسائل إعلام موالية للحكومة، أن «ما يحدث محاولة انقلاب جديدة على حكومة أردوغان، وشكل جديد من الانقلابات لتغيير الإرادة الشعبية». وأفادت صحيفة «ستار» بأن «ما حدث أخطر من انقلاب عسكري تقف خلفه فلول الجيش التي بقيت خارج السجن». وباشر أردوغان حملة شعبية تشمل زيارة وزراء في حكومته محافظات للتحدث إلى الناخبين، فيما علمت «الحياة» أن مجموعات شبابية ومنظمات أهلية تستعد لإطلاق حملة تظاهرات شعبية في كل المحافظات على غرار تظاهرات حديقة «غازي بارك» الصيف الماضي. ولمّح مقربون من الحكومة إلى احتمال تخطيط أردوغان للدعوة الى انتخابات مبكرة، في محاولة للقفز إلى الأمام وتجاوز اتهامات الفساد التي قد تزداد. في المقابل، اتهمت جماعة فتح الله غولان رئيس الوزراء بـ «الهلوسة» و «البارانويا»، مشيرة إلى أن «بات لا يثق بأحد، ويختلق الأعداء للتستر على الاتهامات الموجهة إلى حكومته». وأشارت إلى أن القضاء سيُلغي قرارات الحكومة إقالة أو تغيير مراكز حوالى 600 مسؤول أمني في الشرطة «لأنها مخالفة للدستور». ورأت الجماعة أن أردوغان «لن يجد من ينقذه، أو يساعده في وقف التحقيقات أو عرقلتها».