أكد الخبير الاقتصادي ونائب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بمجلس الشورى الدكتور فهد بن جمعة في تصريح إلى "الوطن، أن معظم الوظائف المطروحة للسعوديين محدودة في القطاع الخاص، ما يدعو لتوفير فرص وظيفية تتناسب مع تخصصاتهم وبدخل مالي مناسب، ومنحهم الثقة لإبراز انضباطهم وإنتاجياتهم، بعد أن أثبت الشباب السعوديون قدراتهم داخليا وخارجيا في الاختراع والابتكار. وأوضح أن نوعية الوظيفة هي ما يحدد سلوك الملتحق بالعمل، فلدينا نماذج في شركة أرامكو من السعوديين المنتجين والمنضبطين ممن أثبتوا قدراتهم الإنتاجية والتفاني في أداء عملهم، وهذا النموذج ينطبق على السعودي في شركة سابك والبنوك وغيرها، كونها توفر مميزات مطلوبة، بالإضافة إلى كونها توفر الأمان الوظيفي والرواتب المميزة. وأكد عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة الشؤون الاقتصادية، أنه لا زال لدينا نقص في عدد الوظائف المناسبة للسعوديين، كاشفا عن أن حملة تصحيح العمالة لم تسهم في دعم سياسة السعودة، حيث خلقت فجوة كبيرة في إبعاد الأجانب الذين كانوا يشغلون الوظائف البسيطة في المتاجر، إلى جانب المهن التي لا يستطيع أن يعمل بها السعوديون، وبالتالي لا يقبل الشاب السعودي الاستمرار في تلك الوظائف ذات الدخل المتواضع، وأشار إلى أن وزير العمل سبق وأن اعترف بأن "الفراغ الذي خلفه ترحيل العمالة المخالفة بعد حملة التصحيح، يتطلب سده بكفاءات وطنية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى عدم جدية وانضباط الشباب السعودي في العمل، مع أهمية توفير الوظائف المناسبة، وهذا لا يتم في إحلالهم مكان العمالة الأجنبية التي تم ترحيلها، كون الأغلبية منهم لا يرغبون في شغل وظائف متدنية الأجور وتخالف تخصصاتهم. وأضاف: "لدينا وظائف اقتصادية بالملايين تشغلها العمالة الأجنبية، تتمثل معظمها في السباكة والنجارة والمقاولات، ولا يعني ذلك عدم وجود بطالة سعودية لأن بعض الشباب لا يرغب في شغلها كونها وظائف ذات رواتب متدنية ولا تتلاءم مع تخصصاتهم ولا تحقق لهم الأمان الوظيفي وهذا لا ضير فيه، كما نعلم أن المرأة السعودية تواجه بطالة قسرية من خلال حصرها في مجالات عمل محددة ويمكن معالجتها بفتح مجالات عمل أوسع"، موضحا أن إحصائيات مصلحة الإحصاء العامة تشير إلى أن البطالة السعودية تراجعت في الربع الثالث مقارنة بالربع الأول من 12% إلى 11.7%، وذلك من خلال مسوحاتها التي تسأل الفرد إذا ما كان عاطلا أم لا، ولكنها لا تسأله لماذا هو عاطل من أجل تحديد نوع البطالة. وأكد أن الحلول في دعم السعودة في القطاع الخاص تتمثل في إنشاء مشروعات حكومية، كما جاء ذلك خلال توصيات مؤتمر الرياض الاقتصادي، بعد ذلك يبدأ تحويل الاستثمارات، أما الآن، الوظائف التي تناسب الشباب السعوديين وفق رواتب مناسبة ووفق تخصصاتهم فهي قليلة جدا، فنحن بحاجة إلى توفير وظائف بما يتطلبه القطاع الخاص من إدارة أعمال وتخصصات هندسية وطبية وتقنية ومحاسبة، يشمل ذلك التدريب، ولا بد من توفير الأمان الوظيفي في هذه الوظائف. من جانبها، أكدت المحللة الاستثمارية والكاتبة الاقتصادية ريم أسعد أن القوى العاملة السعودية الموجودة حاليا متطلباتها ومؤهلاتها لا تتناسب مع سوق العمل الحالي، حيث نجد جميع الأعمال الإدارية من استقبال إلى مراجعات حكومية إلى محاسبين مسعودة، لكن لا زلنا نحتاج سعودة لوظائف معينة تحتاج لتدريب وكفاءات وطنية كالمحاسبين، حيث نجد المحاسبة مشغولة بكوادر أجنبية، مع العلم أن معظم موظفي البنوك من الكوادر الوطنية. وأضافت: "لا يوجد لدى بعض السعوديين مهارات التواصل داخل القطاع الخاص، حيث لا بد من أن يتم عقد دورات مكثفة لتدريبهم على مهارات التواصل للعمل في القطاع الخاص والمؤسسة بالشكل المطلوب كبدلاء للعمالة الأجنبية المؤهلة، لتحقيق نتائج إيجابية لهذه الشركات"، كاشفة عن وجود قطاعات مهمة كالسياحة والرياضة التي سيكون لها دور كبير في القضاء على البطالة، وهناك دراسات أثبتت ذلك بالأرقام، واقترحت بأن يكون هناك عمل تشريعي في فتح المجال للسياحة الخارجية وبشكل موسع وعلى مستوى المملكة، مع ضرورة خصخصة أماكن السياحة والخدمات المساندة التي تسهم في خلق فرص وظيفية جديدة ومناسبة للشباب السعودي وتقضي على البطالة. معوقات السعودة وأوضح رئيس لجنة الأقمشة والملابس الجاهزة بالغرفة التجارية بجدة محمد الشهري، أن الهدف من توطين الوظائف جاء لتحقيق الرخاء والتنمية الاقتصادية والاستغلال الأمثل لرؤوس الأموال، لكن في قطاع بيع الملابس الجاهزة والعباءات جاء المردود معاكسا لتوقعات أصحاب الأعمال، حيث أجبر أصحابها على تأنيث المحال وتوظيف كوادر غير مؤهله لم تتلق أي تدريبات، في الوقت الذي تفتقد فيه الموظفة للخبرة واللباقة الصحيحة للتعامل مع جمهور مختلف من المشترين، وفي محاولة لتحسين الوضع وضعت اللجنة بعض الشروط التي يجب أن تتماشى مع مصلحة الموظفة وصاحب العمل من خلال تدريب الكوادر الراغبة في العمل ببيع المستلزمات النسائية، وما أن حل هذا الوضع إلا ودخلت مشكلة توفير المواصلات، حيث باتت الأسر السعودية قلقة على عمل بناتها لفترة دوامين، والعودة لأوقات متأخرة من الليل، وطالبت اللجنة بتوفير باصات مدعومة لنقل الراغبات بالعمل من مساكهن لأماكن عملهن، الأمر الذي سيسهم في توطين واستقرار الموظفات بعملهن، بالإضافة إلى مطالب بتوفير حاضنات في أماكن العمل. وأشار رئيس لجنة الأقمشة والملابس الجاهزة بغرفة جدة إلى أن مخطط التوطين ليس بجديد، وينبغي أن تهتم الجهات المسؤولة بإمداد قطاع الأعمال باحتياجاته من الأيدي العاملة ذات الخبرة والكفاءة رفيعة المستوى كي لا تكون السعودة مجرد اسم، لافتا إلى أن أكثر من 20% من الموظفات اللاتي تم توظيفهن تسربن من العمل بسبب انعدام وسائل الموصلات في مجال بيع الملابس، وعدم توفر الخبرة الكافية. وأضاف أن محافظة جدة تحوي على 1390 محلاً تجارياً خاصاً ببيع ملابس "اللانجري" والسهرة والعباءات، وتبلغ نسبة السعودة فيها 95%، حيث تم توظيف أكثر 5 آلاف بائعة، وقال: "تلقت اللجنة عدداً من الشكاوى من الفتيات البائعات، منها رفضهن العمل على فترتين، فيما شكا أصحاب المحال من تسرب وغياب البائعات بدون إذن، وهذا ما يضر بالعمل ويخفض نسبة الأرباح ويكبد المستثمر بالسوق خسائر كبيرة، ورصدت اللجنة إغلاق 15% من محال بيع الملابس بسبب ارتفاع الرواتب وهروب الموظفات وتأخر دعم صندوق الموارد البشرية، وخاطبت اللجنة وزارة العمل بتوفير كوادر بديلة عن الموظفات اللاتي تسربن من العمل، وأن تراعي وزارة العمل ظروف أصحاب المحال. قطاع الزراعة وتقف التقاليد والعادات الاجتماعية أمام سعودة قطاع الزراعة، حيث استثنت وزارة العمل هذا القطاع موقتا من التصحيح، وأكد رئيس اللجنة الوطنية للزراعة بالغرف التجارية السعودية عيد الغدير، أن القطاع الزراعي يعتمد على العمالة الحرفية والمدربة بنسبة 80% ويستحيل توطين العمالة السعودية لانتفاء الخبرات المؤهلة للعمل في المزارع، حيث يعمل 20% من الأطباء والمحاسبين في القطاع الزراعي، ولا نجد فيها أي مشاكل بسعودتها، واعتمدت اللجنة دراسة قدمتها لمجلس الغرف شرحت فيها ما يدخل فيه القطاع الزراعي من نسب السعودة، ورصدت اللجنة معوقات السعودة في الأعمال الحرفية الزراعية وفق ما أقرته وزارة العمل من فرض نطاقات على الشركات المخالفة نتيجة إحلال كوادر وطنية وهمية، ما تسبب في خسائر طائلة للمزارع بواقع 25% من كلفة الإنتاج، الأمر الذي سينعكس على المستهلك. ويرى رئيس المكاتب الاستشارية بالغرف التجارية السعودية دكتور عاصم عرب، أن الكوادر السعودية الموظفة ببعض القطاعات الخاصة لم يحالفها النجاح، حيث لم تتوفر بعض المهن والأيدي الوطنية لبعض الأنشطة، وزاد: "تستطيع الكفاءات السعودية إثبات كفاءتها بامتياز إذا أعطيت الفرصة". وأكد أن المركز عمل أكثر من 20 دراسة تبين فيها أن الموظف السعودي يحتاج لوقت ومكان آمن وراتب مقبول يعينه على المعيشة، ومتى ما وجد هذه المطالب سيلتزم الموظف بكافة متطلبات عمله، وتمثل مشكلة البطالة هاجساً لكل الجهات الحكومية والخاصة وتقابلها ضرورة تحفيز المواطنين على العمل في الأماكن التي وكلوا بالعمل فيها، والنظر للرواتب والرغبة لدي أي موظف بحاجة للعمل.