وحّدت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف خطبة يوم أمس (الجمعة)، للحديث عن موضوع الإسراف والتبذير والبذخ، وذلك ضمن دورها التوعوي لمواجهة هذه الظاهرة التي انتشرت مقاطعها وصورها مؤخراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقال الخطباء: برزت مؤخرا موجة من البذخ (الهياط الممجوج) ادعاءً للكرم، ورغم استهجان المجتمع قاطبة لمثل هذه التصرفات إلا أنها بدأت تأخذ عدة أشكال منتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأشكال ومظاهر عدة باتت تتكرر كل يوم في مقاطع فيديو من مبالغة في الذبائح، والتفنن في طرق تقديمها في المناسبات المختلفة بل والمصطنعة أحيانًا، وتعمد تصويرها ونشرها، وكذلك تلك الصور التي انتشرت لوليمة يمتدّ طول صحنها إلى نحو 16 متراً، ومشاهد غسل أيدي الضيوف بدهن العود، ونثر الهيل على الأرض احتفاء بضيف أو صب السمن على يده، وآخر يجلس منفردًا على ذبيحة، ووضع النقود في القهوة أو نثرها كعلف للإبل، وغيرها من المشاهد التي لا يقصد بها إلا الخيلاء والبحث عن سمعة زائفة، ولعل آخرها ذلك المشهد التمثيلي الذي أقسم صاحبه إلا أن يغسل أيدي ضيوفه بدم ابنه معللًا ذلك أن من سبقوه لم يتركوا له اختيارًا، وآخر قدم ثلاثة من أبنائه للضيف، إلى جانب العديد من المشاهد الأخرى التي تم تناقلها عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، معتبرين ذلك محرمًا شرعًا، وأن مثل هذه التصرفات لا يقوم بها إلا سفهاء، من أبناء هذا الجيل، ممن ولدوا في أحضان النعيم والترف، ممن لم يعرفوا ما عاشه أجدادهم في زمن ماض غابر من فقر مقدع وفاقة كبيرة، قبل أن يمنّ الله عليهم بنعمة الأمن والأمان والعيش الرغيد على هذه البلاد في عهد حكومتها الرشيدة، حيث كانت يعيشون في صحراء قاحلة، ويقفون في الصفوف الطويلة طلباً للماء، ويواجهون شديد الحر، وزمهرير البرد، والفقر، والعوز، ويذهبون لطلب الرزق إلى بلاد الهند، وأندونيسيا، والعراق، والشام، وغيرها، حيث إن هؤلاء قد وجدوا أنفسهم فجأة وسط هذه الخير والنعمة الواسعة، أتاهم الله المال، لكنهم لم يقدروا حقه ولم يشكروه حق شكره، معتبرين ذلك من كفر النعمة، ولذا يجب أن تحمد هذه النعمة، وتعطى حقها من الشكر. من جانبه قال رئيس قسم علم النفس بجامعة شقراء، الباحث في الإرشاد النفسي، الدكتور عمر بن سليمان الشلاش: "من منظور نفسي أن هذا الإسراف المبالغ فيه والذي بدأ ينتشر في الآونة الأخيرة إنما يرجع لعدة أسباب منها: اضطرابات في شخصية مثل هؤلاء نتيجة التنشئة غير السليمة والتربية القائمة على الانتقاص من الأبناء ووجودهم -أحياناً- في بيئات مضطربة نفسياً وأسر لا تمنحهم الثقة في التعامل معهم، ما نتج عنه أشخاص ذوي شخصية مضطربة ضعيفة تتأثر بأي انتقاص أو لوم أو نقد يوجه إليها ومن ثم الإحساس بالنقص وضعف الثقة بالنفس في تعاملهم مع غيرهم، وبالتالي اللجوء لتعويض هذا النقص بالقيام بمثل هذه السلوكيات كأسلوب للتعبير عن اضطراباتهم النفسية في شخصياتهم". أما المستشار الأسري فقال: "أحمد بن محمد السعدي: "لقد حذّر الله سبحانه وتعالى من كفر النعمة، وتوعد من يقوم بها بالهلاك، وحذر من التساهل في مثل هذه التصرفات حتى لا تتحول إلى ظاهرة، فيحل معها غضب الله، وهناك لا ينفع الندم، مشددا على أهمية التوعية ومواجهة مثل هذه السلوكات، ووجوب معرفة حقق الله سبحانه وتعالى، مشيرًا إلى أنها سلوكيات تدل على نفاق وتبذير وإنكار للنعم، لا تدل على الجود والكرم، وربطها بهوس الشهرة، محذرا من تداول مثل هذه المقاطع أو عرضها حتى لا تتحقق لهم الشهرة المزعومة"، مطالبا بضرورة الأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء.