تزداد هوة الخلافات اتساعاً، يوماً بعد آخر، بين تحالف الانقلابيين في اليمن، المتمثل في مسلحي الحوثي ووحدات عسكرية موالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ومعها يفقدون السيطرة على الأرض في أكثر من جبهة. وتعرضت قيادات حوثية وأخرى موالية للجماعة، لعمليات اغتيال في العاصمة صنعاء، رجحت مصادر قبليّة أنها انعكاس للخلافات بين الطرفين، وكأحد الشواهد على بدء مسلسل اغتيالات بين أجنحة الانقلابيين، لا يجيده إلا المخلوع. المصادر ذاتها أكدت وجود خلاف حاد بين صالح والحوثيين الذين يشعرون بأن المخلوع قدّمهم كبش فداء، وأنهم دفعوا الفاتورة الأكبر من تكاليف الحرب، فيما احتفظ المخلوع بقياداته من الصف الأول وزجّ ببعض المجندين الجدد الذين حلّوا بدلاً عن الحرس الجمهوري ولقي غالبيتهم حتفه. تباين في جنيف وفي مشاورات بيال السويسرية (جنيف 2) التي انتهت في الـ20 من ديسمبر الماضي، بدا الخلاف جلياً، إذ حضر فريق المخلوع ليبحث فقط، عن مخرج آمن لزعيمه، فيما يبحث الحوثيون عن مكاسب سياسية مقابل الشروع في تهدئة ما. وعلى الرغم من أنهم يسمّون أنفسهم بـالوفد الوطني، إلا أنهم عجزوا عن التوافق على رئيس للوفد، وبدا أن كل طرف له أهداف تختلف عن أهداف الطرف الآخر، وهي إحدى العقبات التي وقفت في طريق أي اتفاق. فريق المخلوع بدا كما لو كان يتنصل عن تبعات الحرب الدائرة في البلاد منذ أشهر، وتحميل الحوثيين تبعات ذلك، رغم أن المخلوع تفاخر أكثر من مرة بأنه يقاتل إلى جانب الحوثيين علانية، وأن تحالفه معهم واضح وليس من تحت الطاولة، على حد تعبيره. رقابة الحوثيين وفرضت الميليشيات الحوثية رقابة عسكرية على موالين للمخلوع صالح فــي العاصمة صنعــاء، وضيقت الخنــاق عليهــم، فيما أقصت عناصر حزب المؤتمر الشعبي العام، جناح المخلوع، من وظائفهم. ويرى مراقبون أن احتفاظ المخلوع بأســلحة نوعية تحت ســيطرته فــي العاصمة صنعاء، ورفضه إرسال جزء منها إلى بعض الجبهات التي تلقت فيها الميليشيات ضربات وانكسارات، هو ما أدى إلى نشوب حالة من الانقســام الداخلي بينهما. وتفيد مصادر أمنية يمنية في صنعاء، بأن المتمردين الحوثيين فرضوا منذ يومين رقابة مسلحة على 16 مسؤولاً من المحسوبين على المخلوع صالح، بينهم وزراء ووكلاء وزارات وسياســيون وأعضاء في وفــد المخلوع إلى محادثات سويسرا، وبدؤوا يرصدون تحركاتهم ومنازلهم. وقالت المصادر، إن المخلوع حاول الظهـور إعلامياً في صدارة الأحداث، لكن الحوثيين أعطوا توجيهات صارمة بعدم نشر أو بث أي تصريحات أو أحاديـث له في وســائل الإعلام الخاضعة لسيطرتهم، ومنعوا بث خطابه الأخيـر، وحجبت وزارة الاتصالات خدمة الرسائل الإخبارية التابعة لصحيفة الميثاق، لسان حزب المؤتمر الشعبي (جناح صالح)، وهي إجراءات توحي بأن العلاقة بين طرفي الانقلاب في طريقها إلى القطيعة، إن لم تكن المواجهة. تجنب الاستفزاز وفي خطابه الأخير، حاول المخلوع أن يتجنب استفزاز التحالف العربي، وكرر مطالبته بأن يكون الحوار بينه وبين السعودية، وليس بينه وبين وفد الحكومة الشرعية، وهذا يعني أن الرجل بات يبحث عن ملاذ آمن، إضافة إلى ما يشبه الاستجداء لرفع العقوبات المفروضة عليه بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي. وحسب مراقبين، فإن هذه المحاولة ستبوء بالفشل، إذ ليس وارداً إجراء مشاورات بين الانقلابيين والتحالف، والأخير الذي تقوده السعودية يرى أن أي حل يجب أن يكون بين اليمنيين على أن يضمن استعادة الشرعية واسترداد الدولة من قبضة المليشيات المسلحة، ولا شيء غير ذلك. عمليات تخريب وفي المناطق المحررة مثل عدن ومأرب، بدأت أذرع المخلوع تنفذ عمليات اغتيالات لرجال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الموالين للشرعية، وتقوم بأعمال تخريب واسعة تطال أنابيب ومصافي النفط، بهدف إشغال الحكومة عن مهامها، ومحاولة خلط الأوراق وإثبات فشل الحكومة. تدهور أمني فاقمت حوادث الاغتيالات من التدهور الأمني الذي تشهده العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثي وصالح، فيما اكتفى وزير الداخلية بالتوجيه لإعداد خطة مع ميليشيا الحوثيين. وحسب موقع وزارة الداخلية التي تسيطر عليها الميليشيات، فإنها وجهت أمن العاصمة والإدارة العامة لمكافحة الإرهاب ومعها الإدارة العامة للبحث الجنائي، بوضع خطة عاجلة لمكافحة ما وصفها بالجرائم الإرهابية وخاصة جرائم الاغتيالات.