غادر المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بن عمر العاصمة اليمنية صنعاء مساء أمس الأول، في ظروف غامضة، بعد أن عرضت الوثيقة المقدمة كحلول للقضية الجنوبية وتحديد شكل الدولة المقبلة، بأن تكون دولة اتحادية من عدة أقاليم، والتي رفضتها معظم القوى السياسية اليمنية، كما قابلتها انتقادات حادة من قبل خبراء قانونين. وتضاربت الأنباء حول الأسباب، التي دفعت بالمبعوث الدولي إلى مغادرة العاصمة صنعاء فجأة وعدم الإفصاح عن الوجهة التي غادر إليها. وفيما اكتفت وكالة الأنباء الحكومية الرسمية، بإعلان مغادرة بن عمر صنعاء في سطر واحد، والقول «غادر صنعاء مساعد أمين عام الأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بن عمر»، دون أن تشير إلى وجهت مغادرته. كشف مصدر لـ»المدينة» (طلب كشف هويته) عن وجهة المبعوث الدولي جمال بن عمر بعد مغادرته العاصمة صنعاء في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، مؤكدا وصوله إلى العاصمة القطرية الدوحة، في إطار مسعى تقوده الدوحة لحشد التأييد الدولي والإقليمي لوثيقته التي وقعت بصنعاء كحل سياسي للقضية الجنوبية، ورفضت بشدة من قوى سياسية مؤثرة في المجتمع اليمني، ونالت استهجان الشارع اليمني.. بينما قالت مصادر إن وثيقة بن عمر التي وقع عليها حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) تحظى بتأييد قطري تركي، والدولتين تحشدان لدعم هذا التوجه منذ وقت طويل. وكان حزب «المؤتمر الشعبي العام»، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، رفض وثيقة بن عمر لحل إشكالية عدد أقاليم الدولة الاتحادية المقترحة، وقال قيادي مؤتمري بارز، إن الوثيقة تهدف إلى أضعاف الدولة شمًالا ليسهل انفصال اليمن جنوبًا. من جهتهم، اعتبر مراقبون أن وثيقة المبعوث الأممي مفخخة ومسمومة، وأنها تقود اليمن إلى التمزق والاقتتال، وقال التنظيم الناصري الوثيقة بأنها تؤسس لخلافات داخلية عميقة في اليمن حول بناء الدولة، وتكرس مبدأ الهويتين داخل الدولة الواحدة، الأمر الذي دفع التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري إلى الانسحاب من التوقيع على الوثيقة، فيما تغيب ممثلو الحزب الاشتراكي اليمني، الذي اشترط موافقته على الوثيقة أن تطرح على مؤتمر الحوار للتصويت عليها بأغلبية 90% من أعضاء مؤتمر الحوار اليمني الجاري في العاصمة صنعاء، وأن تقدم رؤية مكتوبة واضحة عن الخيار الثاني، الذي تضمنته الوثيقة والمتعلق بمقترح خيار 6 أقاليم للدولة الاتحادية اليمنية المقبلة، وحدود الأقاليم التي تقترحها وثيقة بن عمر. إلى ذلك، اشتدت المعارك في شمال اليمن بين جماعة الحوثيين وجماعة السلفيين الذين يخوضون معارك عنيفة منذ قرابة 3 أشهر على 3 جبهات في محافظتي صعدة وحجة. فيما قال مصدر قبلي سلفي لـ»المدينة» إن مقاتلين قبليين تمكنوا من السيطرة على عدد من المواقع التابعة لجماعة الحوثيين في مديرية كتاف التابع لمحافظة صعدة، في هجوم وهو الأعنف في عملية أطلقوا عليها اسم «السهم الحارق». وأوضح المصدر أن عملية السهم الخارق استمرت 12 ساعة تمكن خلالها السلفيون ورجال القبائل، التي هبت لنصرة دماج، من السيطرة على مواقع (جبل بعير بارك - قهرة العلم - القهرة الحمراء). وأشار إلى أن العملية حققت انتصارات عظيمة، حيث تم إحراق دبابة وأسر 5 من ميليشيات الحوثي المسلحة في كتاف، بينهم 3 أشخاص بلبس عسكري.. وأضاف أن عشرات القتلى الحوثيين تم نقلهم من منطقة وادي آل أبوجبارة على عدة سيارات حوثية إلى صعدة، موضحا أن المنطقة تشهد حربًا شرسة وأن المليشيات تتكبد الخسائر تلو الخسائر.