لم يأت المخرج جي بلاكيسون بفيلمه الموجة الخامسة بأي شيء جديد في فئة الأفلام التي تتناول فكرة غزو أهل الفضاء للأرض، فقد سبق وأن جُسّدت الفكرة في أفلام كثيرة لعل أشهرها يوم الاستقلال (1996) الذي تستعد حالياً شركة فوكس لتقديم جزء ثان منه سيعرض قريباً في الصالات، كما لمسناها في أفلام المخرج مايكل بي، وأشهرها فيلم ارماجيدون.. وتناولها أيضاً ستيفن سبيلبيرغ في 2005 بفيلمه وور اوف ذا وارلدز، وغيرها الكثير، وها نحن نعايشها مجدداً في الموجة الخامسة الذي أطل بسيناريو مهلهل وإثارة منقوصة بمشاهد باردة، محاولاً تأكيد فكرة أن العالم لا يعيش في أمان وأنه في خطر دائم. ورغم اعتماد بلاكيسون في تنفيذ فيلمه على المؤثرات الصوتية والبصرية، ومحاولته تقديمها بقالب تصويري جيد، إلا أن إيقاع الإثارة الذي يصاحب عادة مثل هذه الأفلام، جاء منقوصاً وعادياً، فقد عمل على حرق كافة مشاهد الإثارة في ساعة الفيلم الأولى، تاركاً المشاهد بعدها ليتابع قصة درامية أقرب منها إلى الأكشن وحرب الفضاء. حكاية الفيلم تدور في خطوط عدة، منها ما يتصل مباشرة بـالآخرين (وهو الوصف الذين يطلقه سكان الأرض على الغزاة)، وبعضها يتصل بكاسي (الممثلة كلوي غرايسموريتز) التي تفقد والديها بسبب الغزو، ونتيجة لذلك تتحمل مسؤولية الدفاع عن أخيها سام الذي تفقده بعد قيام الجيش الأميركي بقيادة الكولونيل فيش (بيف شراير) باختطافه إلى جانب الكثير من الأولاد، بدعوى إنقاذهم من الآخرين، في وقت يحاولون فيه تجنيد الأطفال ليقتلوا بعضهم بعضاً. كاسي تنجح بمساعدة ايفان الذي يطل على هيئة بشر ولكن نكتشف فيما بعد أنه أحد أفراد خلايا الآخرين النائمة في الأرض، في انقاذ أخيها وتدمير القاعدة العسكرية التي تحتجز الأطفال، ليكون نهاية ايفان الموت الذي نشره الغزاة على الأرض بسبب استخدامهم لموجات أربع، أولها ضرب الأرض بموجات كهرومغناطيسية.. وثانيها تدميرها باستخدام الزلزال والفيضانات وكذلك مرض انفلونزا الطيور، لتبدو الموجة الخامسة وقد خصصت لأهل الأرض أنفسهم بأن يقتلوا بعضهم بأيديهم. فقدان الاتصال تنقل المخرج بين مشاهد القاعدة العسكرية وتلك التي حظيت بها كاسي، كان كفيلاً بأن يفقد المشاهد اتصاله بالفيلم، الذي جاء متعرجاً في خطوطه الدرامية، ليبدو أن مونتاج الفيلم جاء على عجل، خاصة وأن الفيلم يتضمن مشاهد عدة كان على المخرج أن يتوقف عندها كثيراً، لما فيها من قدرة على رفع منسوب الإثارة والتشويق لدى الجمهور، من أبرزها مشهد الفيضانات التي تجتاح الأرض.. وهو المشهد الذي استعجل المخرج كثيراً في التخلص منه، من دون أن يبرز آثاره على الأرض، لينتقل سريعاً نحو الموجة الرابعة والمتمثلة في انتشار انفلونزا الطيور، ليبدو أن المخرج تلمس بما قدمه من مشاهد هذه الموجة التي قطعها بمشهد دفن كاسي وسام بحضور والدهما، ليأتي هذا المشهد بارداً للغاية، حتى مشاهد الحرب التي خاضها الأطفال بدت كأنها أقرب الى حروب الألعاب منها إلى معركة تخوضها كتيبة عسكرية مدربة. مساحة واسعة في مقابل ذلك، منح المخرج مساحة واسعة للممثلة كلوي غرايسموريتز، في دور كاسي لدرجة أنها هيمنت على كافة مشاهد الفيلم بامتياز، ليبدو أن تنقله السريع بين اللقطات قد خلق بعض المصادفات غير المبررة في الفيلم، مثل عملية تحريك المشاعر التي صاحبت الفترة التي عاشتها مع ايفان الذي بدا يعرف عنها كل شيء من دون أن تعرف هي شيئاً عنه، لتبدو حالة الحب هنا غير مبررة نهائياً.. وكذلك تكرار ظهوره في لحظات مصيرية يقوم فيها بإنقاذ حياة كاسي، وليفتح المجال أمامها لتقيم علاقة حب مع بن (نيك روبنسون). علينا أن نعترف أن المخرج نجح في اختيار المؤثرات الصوتية التي شكلت فيها موسيقى هنري جاكمان العمود الفقري، الذي قامت عليه المشاهد التي تتطلب هذا النوع من الموسيقى التي توحي بالغموض، وتنذر بالإثارة. اقتباس الفيلم اقتبس من رواية تحمل الاسم ذاته للكاتب الأميركي ريكي يانسي، وكانت الأكثر مبيعاً منذ عامين في أميركا وكندا، فيما تولى كل من اكيفا غولدزمان وسوزانا غرانت كتابة السيناريو.