×
محافظة المنطقة الشرقية

عام / الهيئة الملكية بالجبيل تسجل 130 مخالفة على المرافق التجارية خلال عام

صورة الخبر

قديماً كانت الصحة تعرّف بطريقة سلبية على أنها «خلو الجسم من المرض». لم يتم تصويب هذا المفهوم الخاطىء إلا بعد الحرب العالمية الثانية عندما قررت منظمة الصحة العالمية آنذاك «أن الصحة هي شعور الإنسان التام بالراحة الجسمانية والنفسية والاجتماعية». بناء على هذا التعريف للصحة نحن جميعاً نعاني من قلة الصحة ولو بدرجات متفاوتة. فإذا حصل وكانت أجسادنا لا تعاني من مرض عضوي فإننا نعاني من انعدام الراحة النفسية والاجتماعية في مواجهتنا لذواتنا أولاً وفي مواجهتنا لبعضنا البعض خاصة إذا كان ذلك البعض مختلفاً عنا. استعدت هذه الخاطرة بعد حلقة «سيلفي» عن الخلل النفسي الذي نعاني منه في مواجهتنا المكشوفة للمتناقضات في دواخلنا ونحو المختلفين عنا مذهبياً أو فكرياً. هذه المتناقضات جعلت دلالات اسم مثل «عبد النبي» سبباً كافياً لأن تستفز «يزيد» وتجعله يشعر بقدر مهول من انعدام الراحة النفسية والاجتماعية التي قضت على حلم الانسجام! ومن ثم تطور الحوار إلى استدعاء تاريخ كامل من الاتهامات المتبادلة حول المذهب وما يروج له من اسقاطات تكيل العداء وتحفّز الذاكرة للخوض في الماضي السحيق مجرداً من تاريخيته، ودون أدنى اعتبار للحاضر ومتطلباته. عالم الطب النفسي يعتمد أساساً على مهارة الطبيب وقدرته على تشكيل وتحديد التاريخ الشخصي ومن ثم الوصول إلى التشخيص الذي يكون الخطوة الأولى في العلاج. وكما شاهدنا في حلقة «سيلفي» عن الطائفية، فقد كانت مرآة ذاتية جيدة لتشخيص المرض الطائفي الكامن دواخلنا ومن ثم قد يكون ذلك بداية للعلاج. بالإضافة إلى ذلك التشخيص فإن الخبرة العلمية الطبية تقول إنه لا يجوز اليوم النظر إلى الصحة والمرض، على أنهما حالتان ساكنتان متباينتان ومنفصلتان تماماً إحداهما عن الأخرى، بل هما في أفضل الأحوال في توازن مع بعض. هذا يعني، أن الصحة الجيدة تتطلب قدراً قليلاً من المواجهة المستمرة مع تحدي المرض والجراثيم المسببة له، وهذه المواجهة هي التي تصقل مقاومة الجسم للأمراض، وتشكل ما نسميه بالمناعة المكتسبة. هذه المناعة المكتسبة يحصل عليها الإنسان إما بالمرض الطبيعي (والذي ينطوي أحياناً على مغامرات صحية خطيرة)، أو عن طريق التطعيم، بهدف استنهاضه وتحريض مقاومته ضد بعض الأمراض الجرثومية المعدية. وهذا هو ما بدأنا في التعرض له مؤخراً بشكل صريح يسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية في مواجهة مع الذات دون مواربة أو خوف. تلك هي البداية، ويظل المستقبل كفيلاً بشفاء نفسياتنا واستعادة راحتنا النفسية والاجتماعية إن أدركنا الخلل وتحدثنا عنه. قد ننكر كل ذلك لفترات طويلة ولكن جلسات العلاج المتتابعة كفيلة باستمرار التحسن ولو بعد حين. ربما يكون «سيلفي» قد هيأ لنا مقعداً مريحاً نسرد فيه خبايا أوجاعنا النفسية والاجتماعية في خطوة أولى نحو العلاج.