بمناسبة مرور عام على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم قادتني الذاكرة إلى العام 1963م عندما تم تعيينه أميرا على العاصمة السعودية..الرياض. تلك المدينة الصغيرة والهادئة في ذلك الزمان في وقت كانت المنطقة والعالم يمران بأحد أحرج اللحظات فيما يخص التنافس الدولي أثناء فترة الحرب الباردة وفي وقت كانت القلاقل والانقلابات العسكرية المتلاحقة تعصف بالبلاد العربية. وقد كانت هناك أخطار تحدق بالمملكة من بعض الدول القريبة والبعيدة. وكان منصب أمير الرياض يعتبر من أهم المناصب الرسمية في الدولة كونها مركز الدولة في إتخاذ القرار ووجهة رسمية لكل من يأتي من الخارج للتباحث في أمور تخص المملكة. ومنذ تلك المرحلة كانت الأمور تتوالى ليكتسب منها الأمير الشاب (سلمان) خبرة في الشؤون المحلية من خلال تعامله اليومي مع مواطنين يأتون من جميع مناطق ومدن المملكة ومن جميع شرائحها، إضافة للخبرات التي كان يكتسبها من خلال تواجده بالقرب من أصحاب صنع القرار ومشاركته في الكثير من الأمور السيادية مع اخوانه من أبناء الملك عبدالعزيز ومنهم الملك وولي العهد وآخرون من الأسرة الملكية الكريمة. وكل هذه الخبرات المكتسبة سبقتها دروس مباشرة في الحياة العملية السياسية في مدرسة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه-. ومع الوقت أصبح الملك سلمان بن عبدالعزيز من الأكفأ في علوم الإدارة السياسية والقيادية وليصبح معها من أكثر المؤرخين العارفين ومن الأكثر شغفا بكتب التاريخ. وبعد فترات قصيرة في منصبه كأمير للرياض أصبحت العاصمة السعودية هي مركز صنع القرار ليس في المنطقة وحسب، بل وعلى مستوى العالم. وقبل عام أصبح سلمان بن عبدالعزيز خادما للحرمين الشريفين وملكا للمملكة العربية السعودية بعد وفاة أخيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- في وقت كان العالم يترقب وينظر إلى المملكة ليرى بأم عينه سلاسة انتقال السلطة في المملكة في وقت كان ولا يزال من أصعب الأوقات التي تمر على المنطقة والعالم. ورأى العالم من أول أيام تولي الملك سلمان مقاليد الحكم قوة التلاحم بين الحاكم والمحكوم وكذلك مدى صلابة الأرض التي تقف عليها المملكة والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في وقت تجد الرمال المتحركة ورياح التغيير تعصف بالعالم أجمع وذلك وسط عدم ثبات سياسي وتهديدات إرهابية وتقلبات اقتصادية. ولكن المملكة يراها العالم جزيرة من الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي وأحد أهم العوامل المؤثرة في محيط القرار الدولي. وفي ذكرى مرور عام على تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز رأى العالم حسم وسرعة القرار للكثير من التوجهات والاصلاحات التي بدأت في المملكة وستستمر بوتيرة في مجملها توفير عيشة مستقرة للمواطن ورخاء في أرجاء البلاد وتصميم على حماية مقدرات هذه البلاد من كل الأخطار والتهديدات.