يواجه الواحد منا كثيرا من أصناف الشخصيات. المهم أن نتعرف سريعا على الشخصيات الخطيرة التي يمكن لأصحابها أن يضرونا أو يؤثروا في علاقاتنا بالآخرين. على أن الخبرة وسيلة مهمة للتعرف والتعامل مع الآخرين، إلا أن من المهم أن تكون خبراتنا تراكمية وليست وليدة اللحظة، ثم تختفي. يصدق هذا في حالة الناس العاديين. أما عندما نتحدث عن المنظومات الكبيرة سواء كانت خاصة أو عامة، فهناك فرق مهم جدا وهو وجود الخلفية والأسس العلمية للقياس وبناء القرارات. ما يمكن أن يفوت الشخص العادي، لا يمكن تقبل أن يمر بسهولة على المنظومات التي تعتمد على الخبرات والمستشارين والباحثين ومن يقرؤون الأحداث ويحللونها علميا. تجد أغلب دول العالم تبني قراراتها على المعلومات التي توفرها لها وسائل السبر والبحث، وهي مخازن فكرية تحوي المتخصصين الذين يمكن أن يتنبأوا بما يمكن أن يكون بناء على خبرات الماضي، وبناء النماذج الرياضية بطريقة علمية ذكية تستشف المستقبل. لهذا يمكن لشخص مثلي أن يتساءل عن الدور الضئيل الذي تمارسه مراكز الفكر والبحث والاستقصاء والتنبؤ في مجتمعنا. السؤال المهم الذي يجب على كل مسؤول أن يبادر إلى البحث عن إجابة له هو: كيف أبني قراراتي وما الجهات التي أعتمد عليها في توقع المستقبل. أكثر من يبحث في المجال هي المنظومات السياسية والعسكرية. يبذل هؤلاء الأموال الطائلة في سبيل محاولة التعرف على ما يمكن أن يحدث وردود الفعل التي يمكن أن تظهر نتيجة الأحداث والتصرفات التي انتهجتها أو اضطرت إليها بسبب ما يدور في الواقع أو الخفاء. هنا نبدأ في فهم الساعات التدريبية والتمارين الذهنية التي تمارسها الفئتان. كما يمكن أن نبني على ذلك التشجيع والدعم الذي تبذله الفئتان على مراكز البحث والاستقصاء. ثم يمكن تطبيق النظرية على القطاعات الأخرى التي تتأثر بما حولها، على أن الحالة أصبحت أكثر انتشارا وأهمية للقطاع الخاص مع العولمة ووصول المنافسة إلى كل الدول مع اختفاء الحدود التي كانت تحمي بعض الاقتصادات. يبقى أن أسأل كيف نجا كثير ممن أضروا بمصالحنا في الماضي وأين هم من مراكز البحث والتقصي التي تركتهم يضرون مصالحنا مرة بعد مرة، وأول هؤلاء هو عفاش الذي كانت لنا معه كثير من التجارب ولم نتعلم.