يبدو أن مشكلة الإسكان مستعصية على الحل حتى الآن.. فالمليارات رصدت والقروض سهلت والأراضي وفرت.. لكن وزارة الإسكان تخطو خطوة للأمام ثم خطوتين للخلف.. مرة تقول إنها تدرس أفضل الخيارات.. ثم تقرر أن تقوم بالبناء.. وفجأة تتراجع وتسند مهمة البناء للمواطن الذي لن يستطيع بإمكاناته الفنية والإدارية والمالية المحدودة أن يتحمّل هذه المسؤولية.. وأي نوعية من المساكن سنحصل عليها؟! وبما أن مشكلة السكن تأتي في ترتيب متقدم في سلم المشكلات التي يعانيها المواطن، حيث تحتل المرتبة الثانية بعد مشكلة عدم توافر فرص العمل فإن البحث عن الحلول يجب ألا يتوقف.. وفي هذا السياق أطرح اليوم فكرة إسناد تنفيذ مشروعات الإسكان إلى جهتين عرفتا بالجدية والمهنية ولديهما خبرة عقارية يعرفها الجميع.. وهما مؤسسة معاشات التقاعد.. ومؤسسة التأمينات الاجتماعية اللتان تهدفان إلى خدمة شريحتين من أهم شرائح المجتمع وهما موظفو الدولة وموظفو القطاع الخاص.. ولذا فقد حظي كل من المؤسستين بالدعم والرعاية ومارستا عملهما وشكلتا جهازهما الفني والإداري باستقلالية تامة، وشهد لهما بالنزاهة والمهنية مما جعل استثماراتهما ولاسيما الداخلية من أنجح الاستثمارات.. ولو أتيحت لهما فرصة تنفيذ مشروعات الإسكان بعد حصولهما على التمويل الميسر المرصود لوزارة الإسكان والأراضي المخصّصة لهذه المشروعات لكان ذلك مجالاً جديداً للاستثمار بحيث تبيع هذه المساكن بالتقسيط على منسوبيها من المتقاعدين وعلى المواطنين عموماً وبذلك توظف كوادرهما الفنية وخبراتهما وعلاقتهما بالموردين والمقاولين في إنجاز المساكن على مستوى جيد وفي فترة زمنية قياسية.. وقد شاهدنا مثل هذا المستوى في المجمعات والأسواق التجارية التي أقيمت من قِبل هاتين المؤسستين العملاقتين في مختلف مدن بلادنا. وكما أسندت بعض المشروعات الإنشائية الكبرى لشركة أرامكو ونفذت بمواصفات عالية وفي وقت قياسي.. فإن إسناد مشروعات الإسكان لــ التقاعد والتأمينات بشكل مؤقت حتى تستطيع وزارة الإسكان القيام بالمهمة سيأتي بنتائج جيدة.. ولا بأس أن تستعين المؤسستان بجهات أخرى وبمقاولين من الداخل والخارج لإنجاز مشروعات الإسكان التي ملّ المواطن الحديث عنها دون أن يرى تنفيذاً لها على أرض الواقع. وأخيراً: عسى أن يأتي شهر الخير بتوجيه كريم بأن تحل مشكلة الإسكان بخطوات عملية يقودها فريق فني من مؤسستَيْ التقاعد والتأمينات بعد أن ظلت تلك المشكلة تدور في مدار النظريات والدراسات والمستشارين لمدة طويلة على الرغم من حرص القيادة على سرعة حلها وإصدار الأوامر وتوفير الاعتمادات الضخمة لكي ينعم المواطن بسكن مناسب في دولة تعد من أغنى دول العالم.