أصبحت حياتنا اليومية تقاس بالتعميمات، ولا يخلو يوم من حزمة من التعميمات الصحية، يتناقلها الإعلام الإلكتروني بسرعة البرق، وربما يصل التعميم إلى الجمهور قبل أن يراه المعني به. آخر تلك التعميمات، التي يزدان بها جهازي، ينصُّ على عدم تكليف المشمولين بلائحة الوظائف الصحية بأعمال إدارية! الإشكالية هنا ليست في عدم تكليف الفنيين بأعمال إدارية، وإنما تكمن «المصيبة» في إرجاع الإداريين من الفنيين إلى مهنهم الأصلية. تخيلوا معي طبيباً تخرَّج ليصبح بعد الامتياز مديراً، وطوال سنوات لم يفحص مريضاً، ونسي الفرق بين جزر لانجرهانس، وجزر فوكلاند، كيف سيكون مستقبل المرضى لو عاد ممارساً؟ وكم مريضاً ستُكتب له الشهادة على يديه؟ أو فنيَّ تمريضٍ، ذكراً كان أم أنثى، حصل على الدبلوم منذ سنوات، ويتولى الإدارة، ولم يمارس مهنة التمريض، حينها كيف سيعود؟ وهل من ناجين من تمريضه؟ وهل مازال يذكر الفرق بين الأذين الأيسر، والأذن اليسرى؟ وفِّروا تعميماتكم ولجانكم فالحل بسيط جداً: فقط إيقاف البدلات، وسيعود الجميع إلى الميدان. ومادام الحديث هنا عن الإدارة، وفي إطار الجدل الأزلي الدائر حول مَنْ يدير المستشفى: الطبيب أم الإداري؟ فقد تناقلت وسائل التواصل «خاصة مجموعات الأطباء»، دراسة مفادها أن الطبيب خير مَنْ يقود المستشفى! وللإنصاف، ومادامت المجالس البلدية تم اختيارها بالانتخاب، فلماذا لا يتم إجراء انتخابات في القطاعات الصحية، وتعمُّ الديمقراطية، ويتحمَّل الجميع مسؤولية اختيارهم، ويختار الفريق الصحي مَنْ يقوده بدلاً من التعيين القصري المبني على () الذي قد يؤدي إلى استقالة الأطباء، والتوجه إلى العمل الخاص، كما حدث في «ساق الغراب»، الذي يتزعمه د.أبو الريش منذ «سنة النبحة، حينما شرَّع حسين بن عاقول الاتجار بلحوم الكلاب، ليصاب الناس بالنباح، ويطلق أبو صالح على تلك السنة سنة النبحة».