يحق لكل مواطن في المملكة أن يرى في ذكرى مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ذكرى غالية تملأ قلبه بالفخر، وعقله بالإلهام. ويحق لنا جميعا أن نفخر كيف أكدت مبايعته حفظه الله، أن وطننا وطن الاستقرار والنظام ونموذجاً يحتذى في الحكم والقانون . ويجب أن تلهم عقولنا جميعاً حكمته، وعزيمته التي لا تكل في السعي إلى الخير والنماء ، وحزمه الذي لا يتوانى أمام الفساد والهدر. وفي أيامه الأولى في هذا العهد المبارك نجح، حفظه الله، أن يبدأ حيث انتهى الآخرون في نظم إدارة التنمية والتحول، وأحدث نقلة نوعية في طريقة أداء وإدارة مؤسسات الدولة، وذلك عبر إصداره أكثر من خمسين أمراً ملكياً، كان من ضمنها إلغاء اثنى عشر مجلسا متخصصا ولجنة ومجالس فرعية، وإنشاء مجلسين في غاية الأهمية هما مجلسي الشئون السياسية والأمنية، والشئون الاقتصادية والتنمية إذ أنيط في المجلس الأول برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الجانب الأمني وجانب علاقات المملكة بالعالم، فيما يتولى المجلس الثاني برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بناء الاقتصاد وجهود التنمية. وشكلت هذه القرارات نظاماً غاية في التطور لصناعة القرار ومتابعة تنفيذه وتحقيق التناسق والتكامل بين خطط وأعمال القائمين على جهود التنمية والتطوير، مزيلاً قلاعا بيروقراطية قديمة لا تواكب تطورات العصر وتحدياته. وحين جعل خادم الحرمين من الإنسان السعودي نواة للتنمية، لم يقبل بأي تفريط في الخدمات المقدمة للمواطن صحة وإسكاناً ومرافق. وكوزير للصحة فإني أعلم مدى الدعم الذي يحظى به القطاع الصحي في المملكة من لدن خادم الحرمين الشريفين. وقد حرص، أيده الله، على أن يعد الإنسان السعودي للمستقبل، ويعد المستقبل له. فكان توجيهه دوماً بتركيز الجهود على إعداد المواطن السعودي بدءاً بترسيخ القيم الرفيعة، وبناء الشخصية المسئولة الواعية المبادرة، إلى إعداده تعليما وتأهيلا وتدريبا ليصبح المحور الأساس في تنفيذ الخطط الطموحة وبناء مملكة الغد. وهو، أيده الله، يعد المستقبل لشباب الوطن ليجدوا أنفسهم في بلد تدار موارده بحصافة وذكاء، ويحافظ على ثرواته ويبنى لها أسس الاستثمار الأمثل . ويمنع فيها الهدر والإتلاف. ليجد شبابنا بإذن الله في وطنهم بيئة اقتصادية متعددة ومتنوعة في موارد دخلها، ومشجعة وجاذبة للاستثمار محلياً وعلى مستوى العالم، ومليئة بفرص العمل المجزية التي تكافئ روح المبادرة والابداع والابتكار. وفي مملكة الغد أيضاً سيجد شبابنا بإذن الله بلداً حرص قائده على سلامته ومنعته وأمنه، فنقل فيه قدراته الدفاعية إلى آفاق غير مسبوقة، وواجه فيه المحيط المضطرب حول بلادنا بعزمه وحزمه المعهودين، فجعله عزيزاً قوياً آنفا في وجه كل طامع وحاقد. بل وامتدت منعته إلى العالم في تحالفات غير مسبوقة بين دول العالم الإسلامي في مكافحة الإرهاب. وخير ختام لهذا العام الخير هي الميزانية التي صدرت، برغم التحديات الاقتصادية العالمية، تحمل الإصرار على التنمية والبناء، والقوة في مواجهة الهدر والإتلاف. وهذه الميزانية تشكل معلما هاما في تاريخ المملكة، فقد وجه فيها خادم الحرمين الشريفين مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالعمل على إطلاق برنامج إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة، مؤكدا أن هذه الميزانية تمثل بداية برنامج عمل متكامل وشامل لبناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة تتعدد فيه مصادر الدخل، وتنمو من خلاله المدخرات وتكثر فرص العمل، وتقوى الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وعند الحديث عن هذه الميزانية، لا يمكن تجاوز تأكيده، حفظه الله، على المسؤولين بتنفيذ مهامهم على أكمل وجه، وخدمة المواطن الذي هو محور اهتمامه ، وأنه لن يقبل أي تهاون في ذلك، مؤكدا على ضرورة الاستمرار في مراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، وبما يحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين.