ارتفعت حدة المواجهات مع اقتراب موعد الجولة المقبلة من المشاورات بين الحكومة اليمنية الشرعية، من جهة، والمتمردين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، في وقت تشير فيه بعض المعلومات إلى تصاعد الخلافات بين حليفي الانقلاب على الشرعية في اليمن، وإلى وجود حالة من التوتر المكتوم والتهديدات المتبادلة بين الطرفين. ورغم اقتراب موعد جولة المشاورات الجديدة المقررة في 14 يناير (كانون الثاني) الحالي، فإن حالة من الغموض تكتنف المشهد من قبل كل الأطراف، رغم إعلان الحكومة اليمنية استعدادها للذهاب إلى المشاورات، في ظل عدم تنفيذ الحوثيين إجراءات بناء الثقة، والمتمثلة في إفراج المتمردين الحوثيين عن المعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء محمود سالم الصبيحي، إضافة لعدم فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الحرب، خاصة مدينة تعز التي يفرض عليها المتمردون الحوثيون حصارا خانقا منذ بضعة أشهر. ولم يعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن مكان انعقاد المشاورات، في الوقت الذي تعثر فيه تطبيق الاتفاقات المحدودة التي تم التوصل إليها في المشاورات السابقة، الشهر الماضي، في جنيف. في غضون ذلك، واصلت المقاومة الشعبية بمحافظة صنعاء تقدمها على جبهة القتال المحتدم في منطقة فرضة نهم، شمال شرقي العاصمة صنعاء (40 كيلومترا)، حيث دارت معارك عنيفة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، توجت بتقدم كبير للمقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني، فقد سيطرا على منطقة الخانق في حريب نهم، ومناطق أخرى. وقال قيادي ميداني في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» إن «المقاومة والجيش غنما كميات كبيرة من الأسلحة المتنوعة من المواقع التي تمت السيطرة عليها في قرية آل خريص - نهم، التي تعد من أهم أوكار المتمردين الانقلابيين، وأهمها منزل القيادي الحوثي محسن جميل خريصي». وأشار القيادي في المقاومة إلى فرار عناصر الميليشيات إلى الجبال والقرى المجاورة، وقد خلفوا وراءهم عتادهم العسكري وقتلاهم، في الوقت الذي باشرت فيه قوات من الجيش الوطني تأمين المناطق المحررة، الأمر الذي يسمح للمقاومة بالتقدم إلى الأمام، لتطويق بقية مناطق فرضة نهم، ثم التوجه نحو العاصمة. وذكر القيادي الميداني أن المقاومة والجيش الوطني صدا محاولات التفاف كثيرة للميليشيات الحوثية الانقلابية لاستعادة بعض المواقع في محور جبل «قرود»، وأن الميليشيات تكبدت خسائر بشرية ومادية كبيرة في تلك المحاولات، وتحدث عن عشرات القتلى في صفوف الانقلابيين، الذين ما زالت جثثهم تنتشر في محيط جبل قرود المحاصر من قبل المقاومة من جهتي الشرق والجنوب. وقال القيادي، الذي رفض الكشف عن هويته، إن «التقدم الذي تحقق أصاب الانقلابيين بانهيارات، وحدث فرار جماعي من المناطق التي كانت محتلة من قبل عناصر انقلابية من خارج المنطقة»، وإن المناطق التي وقعت تحت سيطرة المقاومة والجيش الوطني في مديرية نهم «استراتيجية»، وتبعد، فقط، نحو 15 كيلومترا عن مديرية بني حشيش، التي تعد أحد أسوار العاصمة صنعاء، من الجهة الشمالية – الشرقية. ووفقا للقيادي نفسه، فإن ضربات مدفعية الجيش الوطني وقصف طائرات التحالف، لعبا دورا كبيرا في تمهيد الطريق أمام المقاومة. وتشير المعلومات، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» إلى أن خلافات نشبت، أمس، بين بعض القيادات القبلية في مديرية نهم، بشمال شرقي صنعاء، وذلك على خلفية التقدم الذي تحققه المقاومة، حيث تذكر المصادر أن بعضها أعلن رفضه أن تكون قراهم مسرحا لعمليات عسكرية، خاصة في ظل وجود مسلحين حوثيين من خارج أبناء تلك المناطق والقبائل، إضافة إلى أن الخلافات اندلعت بعد أن سيطرت المقاومة على أكبر قرى المديرية «آل خريص». في السياق ذاته، قال مصدر مسؤول في المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» إن التقدم السريع الذي تحرزه المقاومة على جبهات القتال «جاء عقب تشكيل وإشهار (المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء)، حيث انتقلت المقاومة ومن خلفها الجيش من محافظة مأرب إلى محافظة صنعاء، بل على مشارف أمانة العاصمة من جهة الشرق، خلال أقل من شهر». وأضاف أن «هناك إجماعا على أن من أبرز عوامل ذلك النجاح توحيد صف المقاومة والقبائل في (مجلس مقاومة صنعاء)، والأهم هو الإجماع الذي يتمتع به رئيس المجلس البرلماني السياسي والشيخ القبلي منصور الحنق، بصفته من الشخصيات القبلية التي تتمتع بحكمة سياسية وإجماع قبلي على مستوى إقليم آزال». إلى ذلك، شن طيران التحالف، أمس، مزيدا من الغارات المكثفة على مواقع الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح في العاصمة صنعاء، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات التحالف دمرت كميات كبيرة من الأسلحة التي كانت الميليشيات تخزنها في صالات «ميدان السبعين يوما» جنوب العاصمة صنعاء.