حتى نقرأ المقال سوياً بالشكل الصحيح، لنتفق أولاً على أن جميع المناهج السعودية التي يدرسها الطلاب في مدارسنا، تهدف لبناء شخصية النشء بشكل صحيح، مُتسلحة بأربعة أركان رئيسة (دينية، وطنية، تربوية، وعلمية)، وهذه مُعادلة رائعة تكتمل بها العملية التربوية، ولا يُمكن التقليل من دورها، بشرط أن يتم تعزيز كل (ركن) بمناهج تفصيلية شارحة وداعمة، وهو ما يُفسر تعدد المواد وتطوير المناهج!. من هنا، التجديد ومراجعة ( العناوين والمضامين ) مطلب تربوي، مع تسارع مُتغيرات الحياة، ولا يجب أن نتأخر كثيراً في مثل هذه الخطوات الفاعلة، بل علينا أن نُساير التجارب القريبة والمُشابهة لنا في الجغرافي والثقافة، لذا أمام وزارة التعليم السعودية فرصة الاستفادة من التجربة الخليجية الجديدة لطرح مادة (التربية الأخلاقية) ضمن مناهج التعليم العام، ومُسايرة هذا المشروع الذي ما زال (تحت التجربة) في بعض المدارس - تطبقها 52 مدرسة في أبوظبي الآن - بمعدل (حصة واحدة) أسبوعياً، على أن يتم تقييم التجربة بنهاية السنة الدراسية الحالية، واعتمادها كمادة رئيسة بدءاً من السنة القادمة، أسوة بالكثير من الدول التي تطرح (التربية الأخلاقية) ضمن مناهجها التعليمية، فما هي طبيعة هذه المادة؟ ولماذا نحتاجها؟!. ليس بالعلم وحده تتسلَّح الأمم، فالمتحضرون يُتوِّجون العلم والمعرفة بالأخلاق، وكما قال أحمد شوقي (إنَّما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا)، المشروع الطموح يهدف لترسيخ قيم التسامح والاحترام، والتعايش مع الآخرين، وتعزيز السلوكيات الإيجابية والقيم الأخلاقية لدى الطلاب، تشجيع روح الابتكار والإبداع، ويرتبط كل هذا بمحاور التطوير المُجتمعي، والحقوق والواجبات، والثقافة والتراث.. إلخ. نحن نحتاج مثل هذا الطرح وهذه الأفكار, فهناك ضعف واضح في البناء الأخلاقي في مناهجنا؟ على الأقل من ناحية (المنافسة، الاختلاف مع الآخرين، التحصين، الحوار والنقاش)، الأخلاق قضية حاسمة وحساسة في العملية التربوية، وعلينا أن نُفرّغ لها وقتاً مُحدداً، ونندب لها من يراجع سلوكياتنا وتصرفاتنا، وكيف يمكن تجويدها لبناء وتحصين شخصية وأخلاق الطالب السعودي في كل مناحي الحياة؟!. فهل نخوض التجربة من بدايتها في المنطقة؟!. وعلى دروب الخير نلتقي.