إن أجمل ما في الحياة تلك العطاءات التي نمنحها للآخرين ، فنحن من خلالها نستطيع أن نسمو بذلك الضمير الغائر في أنفسنا، حين نعطي دون مقابل فإننا نعطي لضمائرنا مؤشراً مهماً في السمو ، ودرساً عظيماً في الإيثار ، لأن حب الخير من أجمل الصفات التي تتمتع بها النفس البشرية وأرقى السجايا التي يتسم بها كل من يعمل بها، وإن حياة الإنسان قائمة على التجارب دون شك وإن من أروع تجاربي الإنسانية في الحياة (العمل التطوعي) ذاك العمل النبيل النابع من قلب حي ، فمن جماليات ذلك العمل بذل الشخص جزءًا ولو بسيطاً من وقته لخدمة من حوله، فهو يرتقي بنفسه حين يعطي ويساهم في خدمة من حوله، وإن كل فرد لابد أن يضيف لنفسه الكثير حين يرهن نفسه لخدمة الخير ، فهو دون شك يكتسب الصبر ويتجرد من حب الذات والأنانية حين يصب نوايا كل ذلك العمل في حب الله - عز وجل - وحين يكون مخلصاً في العطاء قاصداً بذلك العمل وجه الله وحده. وقد جعل الله تعالى عمل الخير والمسابقة إليه من صفات المؤمنين المتّقين، قال تعالى: (أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون)؛ فالمسلم المتّقي لربّه حريص على اغتنام فرص عمل الخير في الحياة. وقد تتباين دوافعنا التطوعية، لكن الوازع الديني يلعب دوراً كبيراً في العمل التطوعي وإحساس كل متطوع بالمسؤولية نحو وطنه ورغبته في اكتساب خبرات جديدة خصوصاً عندما يجد الشخص المتطوع أن هناك عملا يؤديه يكون مسؤولا عنه، فإنه يبدأ بالشعور بالانتماء لهذا العمل، وبالتالي تزداد الرغبة في القيام بأعمال جديدة وهو بذلك يتيح الفرصة لقدرته الكامنة في النمو. إن كل شخص يعرف قيمة ذاته حريص على ترك نقوش خالدة في هذه الحياة، وإن العمل التطوعي هو الأثر الأبقى عبر الزمن ، فالأفعال تتحدث بصوت مرتفع، وعمل الخير دون مقابل هو أكبر صناديق المعرفة حين ندخر تجارب فريدة في حياتنا بعضها مفيد وبعضها غريب، ونحن في المقابل أمام مدرسة نتلقى من خلالها دروسا عظيمة في حياتنا، ويحضرني في ذلك مشاركتي في برنامج ترفيهي لزهرات دار الحضانة الاجتماعية، حين شاركت زميلاتي في عمل أركان ترفيهية أضفت السعادة على قلوبهن، كم كان ذلك العمل جميلا حين شاهدت الفرح في عيونهن، وكان لي مع أفراد فريقي التطوعي مشاركة في فعالية العودة للمدارس التي استهدفت أصحاب المساكن الميسرة التابعة لجمعية البر الخيرية. كان جميلاً حين زرعنا الابتسامة والسعادة على محيَّا الأطفال الذين خصصنا لهم أركاناً خاصة من أجل توفير مستلزماتهم المدرسية وحاجياتهم، وكم كانت قلوبهم سعيدة بما قدمناه وكم كنَّا أسعد بما قدمناه لهم، وتلك الأمسيات الرمضانية التي استهدفنا بها صغار مركز التأهيل الشامل وشاركناهم فرحة رمضان بأركان شعبية مميزة. كانت تجارب رائعة ولها متعة ووقع خاص على نفوس من استهدفناهم بها. إن كل عمل تطوعي دون شك يغرس شجراً تلقي بظلالها على الآخرين ويوماً ما سوف نتقلب في فيء ذلك الغرس بالجنة فكم من يد ستمتد للسماء داعيةً لنا بالخير. فعمل الخير حتماً لا يضيع، ثم ضع ثقباً في بوابة المستقبل وانظر لنتائج ما فعلت، فإنك سوف تشكر كل الظروف التي ساعدتك على ممارسة ذلك العمل، وتندم على تلك اللحظات التي أضعتها دون استغلالها في مثل ذلك العمل، فلابد من استثمار النفس، والتفتيش في قدراتها ومهاراتها وإمكاناتها من أجل عمل هادف له أثر في هذه الحياة فإن الخالق - سبحانه وتعالى - أودع فيها ما يفوق تصوراتك وتعجز حقاً عن حسبانه، وإن دور كل فرد محب لمجتمعه السعي وراء خدمة ذلك المجتمع وتقديم الأفضل، كي يصبح عضواً نشطاً وفرداً فعَّالاً لمجتمعه، وكي يحظى بالأجر والمثوبة من الله - عزّ وجل - قبل كل شيء فكل عمل من أعمالنا موثق في صحائف أعمالنا، قال تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون). فمن يعطي دون مقابل سيأخذ يوماً دون حدود ودون توقف. منسقة قسم التخطيط والتطوير بمكتب تعليم شرق الدمام