رام الله: كفاح زبون قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيقدم الشهر المقبل أو الذي يليه اتفاق إطار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يشمل الخطوط العريضة لاتفاق سلام نهائي يعالج الملفات النهائية، في محاولة لإجبار الفلسطينيين والإسرائيليين على توقيعه. وبحسب المصادر المطلعة على تفاصيل المفاوضات فإن كيري مقتنع أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق سلام مرة واحدة ويريد وضع الطرفين على المحك. وقالت المصادر: «الأميركيون ينتهجون خطة الحلول المرحلية لكن دون إعلان ذلك صراحة لأنهم اكتشفوا أنه لا يمكن حل الخلافات دفعة واحدة». ويتجه كيري إلى عرض خطة وسطية تكون مرضية للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بحيث لا تتطرق إلى القضايا الحساسة بالتفصيل، لكنها ستشير إلى أسس الحل مثل دولة فلسطينية على حدود 1967، وأخرى يهودية، وأمن إسرائيل. وبحسب المصادر فإن الأميركيين سيغيرون الخطة الأمنية المعروضة الآن. وأوضحت أن الخطة الأمنية الجديدة ستقترح وجودا أميركيا مكثفا على حدود الدولة الفلسطينية الشرقية مع الأردن، وأن كيري ناقش ذلك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) وأن الأخير لم يعترض. وكان أبو مازن رفض الأفكار الأولية حول وجود إسرائيلي مؤقت في منطقة الأغوار مع إدارة مشتركة للمعابر، واقترح وجود قوات دولية بدل الإسرائيلية، لكن إسرائيل رفضت كذلك. وقالت المصادر إن الأميركيين سيأخذون على عاتقهم مراقبة الحدود مع زرع أجهزة دفاعية وأخرى للإنذار المبكر وتكون تحت إشراف إسرائيلي، على أن يوجد الأميركيون كذلك على المعابر بصورة غير مرئية لمراقبة الحركة. ويعتقد الأميركيون أن ذلك من شأنه طمأنة إسرائيل من جهة، وإشعار الفلسطينيين بأن السيادة لهم من جهة ثانية. لكن من غير المعروف بعد ما إذا كانت إسرائيل ستوافق على ذلك أو لا. وبينت المصادر أن «كيري أخذ على عاتقه مسألة إقناع الإسرائيليين بذلك». وقبل أن يعرض كيري اتفاق الإطار المرتقب سيلتقي مجددا بالرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدما التقاهما مرارا في الأشهر القليلة الماضية. ومن المتوقع أن يصل كيري منتصف الشهر القادم على رأس وفد أميركي كبير يضم خبراء في مختلف القضايا في محاولة لوضع الاتفاق. واستأجرت الخارجية الأميركية 50 غرفة في أحد الفنادق الفاخرة بمدينة القدس بدءا من منتصف الشهر المقبل. وكانت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية قالت إن ذلك يأتي في سياق اقتراب مرحلة الحسم، إذ إن عددا كبيرا من طاقم المفاوضات الأميركي الضخم، الذي يضم قرابة 130 شخصا يحيطون بوزير الخارجية الأميركي كيري، سيغادرون واشنطن للإقامة في القدس مباشرة حتى التوصل إلى اتفاق. وحتى الآن لم يتضح شكل الخطوط التي سيعرضها كيري في الاتفاق، إذ ثمة ملفات معقدة أكثر من الملف الأمني مثل ملف القدس واللاجئين. وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أمس، إن كيري لم يقدم إلى الجانب الفلسطيني أو لغيره حتى الآن أي ورقة رسمية تحدد الموقف الأميركي من العملية التفاوضية، ولهذا السبب لا يستطيع الجانب الفلسطيني أن يقول إنه يرفض أو يقبل المقترحات الأميركية. وأوضح المالكي أن ما يجري الآن هو محاولات لاستكشاف المواقف الفلسطينية من بعض الأفكار، مؤكدا أن الرئيس الفلسطيني بعث رسالة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما كخطوة استباقية حدد فيها ما يمكن قبوله وما هو مرفوض فلسطينيا. ورجح المالكي في حديث للإذاعة الفلسطينية أن يقدم كيري مقترحا للسلام الشهر المقبل أو في فبراير (شباط) 2014. وأضاف أن اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة استهدف التأكيد على تبني الموقف الفلسطيني وتوضيح ما هو مقبول أو مرفوض فلسطينيا وعربيا، ليصل هذا الموقف إلى الإدارة الأميركية قبل تقديم مقترحاتها في القريب العاجل. وكانت الجامعة العربية رفضت مقترحات أميركية تسمح بتمركز جنود إسرائيليين على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية. وقال الأمين العام للجامعة نبيل العربي إنه يجب أن لا يكون هناك جندي إسرائيلي واحد على أرض فلسطين في المستقبل. كما حملت الجامعة في ختام اجتماع طارئ عقده وزراء الخارجية العرب في القاهرة، بناء على طلب عباس، إسرائيل «مسؤولية إعاقة السلام من خلال استمرار عمليات قتل الفلسطينيين والتمادي في الاستيطان». وقال القرار الذي تلي في ختام الاجتماع: «إن الاقتراحات الأمنية الأميركية تحقق المطالب الأمنية الإسرائيلية التوسعية وتضمن استمرار سيطرتها على منطقة الأغوار بحجة الأمن». ووصف التقرير هذه المقترحات بأنها «تراجع أميركي عن مواقف سابقة للتوصل إلى حل نهائي وشامل دون تجزئة». وأفاد تقرير الجامعة العربية بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تربطان المحادثات الخاصة بالقضايا السياسية بقبول الفلسطينيين «بالحل الأمني الأميركي». وأضاف أن هذا هو ما يرفضه الجانب الفلسطيني. وطالب البيان الولايات المتحدة والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بـ«إلزام الحكومة الإسرائيلية بوقف كل الأنشطة الاستيطانية ومنح عملية المفاوضات فرصة وصولا إلى تحقيق التسوية النهائية» للقضية الفلسطينية.