اتفقت حكومتا السودان وجنوب السودان على استئناف اجتماعات اللجنة الأمنية السياسية بين البلدين، بعد أن تعثر انعقادها السابق بطلب من حكومة جوبا، الذي بررته بدواع أمنية داخلية، لبحث قضايا الحدود وتأمينها وترسيمها، فيما أكدت جوبا استعدادها للتوسط بين الخرطوم والحركات المسلحة التي تقاتلها في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. وأعلن وزيرا خارجية البلدين إبراهيم غندور وبرنابا بنجامين في مؤتمر صحافي مشترك أعقب المباحثات الثنائية بينهما أمس، عن اتفاقهما على عقد الاجتماع الثالث للجنة الأمنية السياسية المشتركة، الذي كان مقررًا عقده في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، في غضون الأيام القليلة المقبلة، لبحث قضية الحدود المشتركة بين الدولتين وتحديد المنطقة العازلة منزوعة السلاح بين الدولتين، وتنفيذ اتفاق التعاون المشترك الموقعة بينهما. وعقدت اللجنة السياسية الأمنية المشتركة اجتماعًا فوق العادة في سبتمبر (أيلول) الماضي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ترأسه وزيرا دفاع البلدين، وبحضور الآلية الأفريقية رفيعة المستوى التي تتولى الوساطة بينهما، بيد أن الاجتماع التالي تعثر عقده بطلب من جوبا. ووقع السودان وجنوب السودان في سبتمبر 2012، اتفاقية أنهت التوتر الذي ساد بين البلدين عقب استقلال الأخير في 2011، وأطلقا عليها «اتفاقية التعاون المشترك»، وتتضمن تسع اتفاقيات تشمل القضايا الخلافية بينهما، وتكونت وفقًا لها عدد من اللجان التخصصية، ومن بينها «اللجنة الأمنية السياسية المشتركة» التي يترأسها وزيرا الدفاع. وقال وزير خارجية جنوب السودان للصحافيين، إن المحادثات التي أجراها مع رصيفه السوداني، أكدت على علاقات حسن الجوار والتعاون المشترك، وعلى إنفاذ اتفاقية الحريات الأربعة، وأضاف: «نحن شعب واحد في دولتين، وهو ما يقتضي حسن الجوار، لأنه يقوي موقف البلدين في الإقليم العالم». واعتبر بنجامين إحلال السلام في البلدين اللذين يشهد كل منهما تمردها الخاص مدخلاً لتحقيق السلام بينهما، في إشارة للاتهامات المتبادلة بدعم كل دولة لمعارضي الأخرى، وقال: «قضية دعم المعارضة ستحل ضمن بيئة جديدة، بعد توقيع اتفاقية السلام مع المعارضة في جنوب السودان، وتوقيع اتفاقية أخرى مع المعارضة في السودان، ستحل ضمن هذه البيئة الجديدة هذه المشكلة». وكشف وزير خارجية جوبا عن طلب تقدم به رئيسه سلفا كير ميارديت للرئيس السوداني عمر البشير للتوسط بين الخرطوم ومعارضيها المسلحين، أسوة بالدور الذي لعبه السودان بمشاركته في اللجنة الثلاثية التي أسهمت في توقيع اتفاقية السلام بين طرفي الحرب في جنوب السودان، وقال: «الرئيس سلفا كير أكد في حال طلب الرئيس منه التوسط من أجل السلام، فسيقول أهلاً وسهلاً، لأن السودان يشارك في السلام الذي توصلنا إليه». وأوضح بنجامين أن إنتاج بلاده من النفط تراجع من قرابة 400 ألف برميل يوميًا إلى 170 ألف برميل، بسبب الحرب، واستدرك: «لكن اتفاقية السلام ستعيد إنتاج النفط إلى ما كان عليه قبل الحرب، وأن عائدات البترول ستعود لشعبي البلدين»، لكنه نفى توقيع أي اتفاقات جديدة مع الخرطوم بشأن المصالح البترولية بين البلدين التي يرجح أن تكون قد تأثرت بتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية. من جهته، قال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور إن مباحثاته مع رصيفه بنجامين، تضمنت الاتفاق على قضية اتهامات حكومته لجنوب السودان باستضافة قيادات التمرد السوداني عبر ما سماه الإرادة المشتركة، وإن بلديهما سيعملان على حل كل القضايا العالقة بينهما منذ الانفصال، مستندين على علاقات الإخاء بين الدولتين، وأضاف: «السودان جاهز ليس لتطبيع العلاقات وترسيم الحدود فقط، وإنما لإقامة علاقات تستند على الإخاء». وأكد غندور في حديثه للصحافيين أن الاتفاق على عقد الاجتماع الثالث للجنة الأمنية السياسية المشتركة في الخرطوم، سيبحث قضية تحديد الخط الصفري، وترسيم الحدود، ونزع السلاح، وتنظيم دخول المواطنين، وكيفية بناء العلاقات الشعبية، مشيرًا إلى أن قضية إيواء قادة المعارضة السودانية في جنوب السودان منصوص عليها في اتفاقية سلام جنوب السودان، التي قضت بخروج أي حركات مسلحة من أراضيه. وجدد غندور دعم بلاده للسلام في جنوب السودان، باعتباره جزءاً من الآلية الثلاثية التي توسطت بين الفرقاء الجنوبيين، وأدت لتوقيع اتفاقية السلام، التي شرع جنوب السودان في إنفاذها، ووفقًا لبنجامين فإن وفدًا من المعارضة المسلحة يقوده تعبان دينق - وفد المقدمة - وصل جوبا، للتمهيد لعودة زعيم المعارضة نائب الرئيس السابق رياك مشار إلى جوبا.