وجه مسلمو كينيا صفعة قوية لجماعة الشباب الإرهابية التي تنشط في المنطقة الحدودية بين كينيا والصومال، وتشن من هناك هجماتها ضد القرويين الفقراء وطلاب المدارس والجامعات. والحدث الذي جذب انتباه العالم وقع الأسبوع الماضي، عندما أوقفت مجموعة مسلحة من الجماعة الإرهابية حافلة ركاب كانت تقل مسافرين قادمين من العاصمة نيروبي. وحاول المهاجمون فرز المسافرين المسيحيين عن المسلمين تمهيداً لقتلهم وإطلاق سراح المسافرين المسلمين. لكن الدعاية الرخيصة لم تنجح في التأثير في عقول القلة القليلة من الرجال المتمسكين بدينهم وأخلاقهم في ذلك المكان النائي. فقد تحدى الركاب المسلمون خطر الموت المحدق كي يدافعوا ليس فقط عن أرواح زملائهم المسيحيين المهددين بالقتل العبثي، ولكن أيضاً كي يدافعوا عن القيم الدينية الصحيحة التي يؤمنوا بها والتي لا تشبه هلوسة المهووسين بالعنف والقتل والجريمة. لم يأبه هؤلاء الرجال بالبنادق المصوبة للرؤوس ولا ركعوا طالبين الرحمة لزملائهم ولكنهم نظروا بعيون ثابتة نحو أفراد العصابة المسلحة وقالوا إن عليهم قتل الجميع إذا أرادوا، لكنهم لن يتراجعوا أو يقفوا متفرجين أمام مشهد للجريمة يسيء إليهم قبل أي أحد آخر ويدنس تمسكهم بإيمانهم وعقيدتهم. الحق يعلو ولا يعلى عليه، وقد أكد هؤلاء الرجال قليلي العدد في ذلك المكان النائي أن الرضوخ لسطوة الإرهاب يعني المشاركة في الجريمة والمشاركة في تشويه صورة الدين الذي يكرم الشجاعة ويحتفي بالشهامة وقول الحق. لقد كانت قلوب هؤلاء القرويين الفقراء العزل على تخوم كينيا تحمل الإسلام الواحد الصحيح بينما كانت قلوب الإرهابيين تطفح بالحقد والكراهية والهوس المجنون.. وأخيراً تراجع الباطل أمام قوة الحق الساطع وغادر الجميع ذلك المكان النائي. لقد انقضى زمن كانت جماعات الإرهاب الظاهرة والمتخفية تتلاعب بالعقول وتدعي زوراً الانتساب إلى الإسلام والدفاع عنه. انقضى ذلك العهد مع انتشار الوعي بخطر هذه الجماعات وانتشار المبادرات الأهلية بضرورة التصدي لها وهزيمتها، ليس فقط في ساحات المواجهة العسكرية ولكن أيضاً في ميادين الفكر والمناظرة. وفي نيجيريا كما في مناطق أخرى سلحت القرى أبناءها لرد هجمات بوكو حرام التي تمارس سياسة القتل والسحل واغتصاب النساء والفتيات الصغيرات. تخطى أبناء القرى الدعايات الكاذبة للمهووسين وخرجوا لمواجهتهم وهزيمتهم والتخلص من شرورهم. وجماعات الهوس الديني المجنون ليست جديدة على العالم ولا هي وليدة اليوم أو الظروف المعقدة التي تمر بها منطقتنا العربية والإسلامية. وإذا تمعن الإنسان في نتائج المحاكمات التي جرت في بنغلاديش خلال الأسابيع الماضية وطالت قادة حركات دينية، فإن ما كشفته الأنباء أن هؤلاء الذين يطرحون أنفسهم قادة للنهضة الإسلامية قد تمت إدانتهم خلال محاكمات مفتوحة ومعلنة بارتكاب مجازر ضد الإنسانية راح ضحيتها آلاف الأشخاص كما تمت إدانتهم بارتكاب عمليات اغتصاب واسعة النطاق وبجرائم أخرى يندى لها جبين الإنسان الحر. وقادة الإرهاب المستحدث الحالي أيضاً موعودون حتماً بالوقوع في يد العدالة ومواجهة العقاب الناجز على كافة جرائمهم المخزية. shiraz982003@yahoo.com