×
محافظة المنطقة الشرقية

خادم الحرمين الشريفين يستقبل الرئيس العام لرعاية الشباب ومسؤولي الرئاسة واللجنة الأولمبية واللاعبين الحاصلين على الميداليات في الدورة الثانية للألعاب الرياضية الخليجية

صورة الخبر

المشروع الوطني في الحالة الفلسطينية هو أولاً وأخيراً، مشروع عنوانه التحرر من الغاصبين كمرحلة أولى. بعد التحرير الكامل يمكن بناء مرحلته الثانية والأخيرة في إنشاء الدولة العتيدة على كامل التراب، شكلاً ومضموناً، وهي التي كانت تشكل محوراً نضالياً استراتيجياً في نضالات مرحلة التحرر الوطني. المشروع الوطني هو مشاريع كثيرة في مشروع عام عنوانه: الهدف الاستراتيجي. العام يتكون من مجموعة من الخواص، وفي الوقت ذاته ينقسم إلى مشاريع متعددة: كفاحي، سياسي، تنظيمي، إعلامي، اجتماعي وأخيراً مشروع مالي. كل هذه المشاريع الفرعية تعمل معاً في علاقة جدلية متناسبة طردياً فيما بينها كحلقات السلسلة الواحدة، فنجاح المشروع العام مرتبط بنجاح حلقاته المتعددة، ولا يمكن تحقيق نجاح المشروع العام في ظل إخفاقات المشاريع الفرعية المساندة. لا نجاح سياسياً في ظل تقصير إعلامي. حتى وإن حصل فسيكون نجاحاً مؤقتاً مثل بالون منفوخ، ينفجر إذا ما أصابه ثقب صغير. الاستقلالية السياسية بحاجة إلى استقلالية مالية، فلا مساعدة تأتي لحاملي مشروع، إلا ومن ورائها ثمن سياسي (حتى إن لم تتضح أهداف الأخير في المرحلة الأولى). النجاح في المشروع الإعلامي يعني أولاً وأخيراً مواكبة التميز السياسي، الذي يطمح إليه حاملو المشروع الأساس، أما في حالة تقصير الإعلام فنجاح التميز السياسي سيحمل في أحشائه أنوية التراجع والانحسار الحتمي. لكل من المشاريع الفرعية سماته العامة، وهي بدورها في عوامل نجاحها مرهونة بتخصص القائمين عليها، ومدى قدراتهم الإبداعية في مجال مهماتهم المباشرة. نعم كل حركة تحمل مشروعاً وطنياً لا بد أن تكون متحركة في شعاراتها السياسية المرحلية، وحتى اليومية. فربما شعار الأمس لا يصلح رفعه للغد ولا حتى لليوم. إلى هذه الدرجة يتوجب أن تكون حساسية ونمطية القائمين على المشروع السياسي، وكذا المشروع الإعلامي بالطبع. في كثير من الحالات تجد أناساً مسؤولين عن إعلام ما وهم بعيدون كل البعد عن صناعة الإعلام، لا يدركون مهمات حقل اشتغالهم ولا مبادئه الأولية. بداية، فإن العنوان الأبرز لأزمة المشروع الوطني الفلسطيني على الجانب الرسمي هو أن هذا النظام السياسي الفلسطيني في جزء منه، يقع تحت الاحتلال، وهذا ما يعمل على خلق إشكاليات حقيقية إضافية أمامه، تؤدي إلى تحديد مكوناته، وحركته التي تظل مقترنة بواقع قوانين الاحتلال، وسيطرته الفعلية على جزء كبير من الموارد المالية للنظام الرسمي، والكثير من التقييدات الأخرى السياسية. هذا هو الجانب الموضوعي الأبرز في الأزمة. أما الجوانب الذاتية في بنية هذا النظام السياسي فتتلخص في جوانب عدة أبرزها: غياب حدود الصلاحيات بين فروعه، وضيق آفاق فهمه الاستراتيجي لموضوع الحقوق الفلسطينية وإخفاقاته اللا متناهية في تكتيكاته السياسية الموصلة حتى للحقوق بشكلها المُقزّم. على الصعيد الآخر في الجزء الفلسطيني خارج إطار النظام السياسي الأول، فإن المشروع يفتقد إلى فهم موحد عام لعناصره وبالتالي لمضمونه، لاختلاف الفهم الاستراتيجي للهدف النضالي. إلى جانب الافتقاد للجبهة الوطنية العريضة (نظراً لانقسامات موجودة عدة عريضة فيه)، كاشتراط موضوعي لاستراتيجية الانتصار، ذلك أيضاً وفقاً لاختلاف الشكل الموضوعي لفهم الحقوق الوطنية. أيضاً نجد في معظم هذا الجزء تبايناً كبيراً يتمثل في نجاحات مؤقتة وغالباً إخفاقات أجزاء مشاريعه الفرعية الأخرى، بالتالي فنجاحات إطاراته محدود، نظراً لإخفاقات عموم مشاريعه المكملة. الجانب الثاني في الأزمة: هو الانقسام بين سلطتين محتلتين تراهن كل منهما على سراب بعيداً عن حسابات قدرة العامل الذاتي في توجيه دفة لوحة الصراع مع العدو. الجانب الثالث في الأزمة هو: عدم استغلال النضالات الجماهيرية الفلسطينية، كالانتفاضتين الأولى والثانية، والثالثة الدائرة حالياً لتصب سياسياً ونضالياً في تطوير شكل الصراع مع العدو الصهيوني إلى مرحلة جديدة، وبما يخدم استراتيجية النضال الوطني. المسألة الرابعة من الأزمة هي: المالية، فالعجز الاقتصادي الفلسطيني ارتفع ليصل إلى ما يزيد على خمسة مليارات دولار، والأزمة لا يجري علاجها، بل تُرّحَل من شهر إلى آخر. وما كان لاتفاقية غاية في السوء وهي اتفاقية باريس الاقتصادية التي جعلت من الاقتصاد الفلسطيني مسماراً في عجلة الاقتصاد الصهيوني ومُلحقاً تابعاً له، ما كان لهذه الاتفاقية سوى إنتاج الأزمات المالية المتفاقمة للسلطة، باعتبارها الشكل الرسمي للمشروع السياسي الحالي، وهو مشروع ضيق الأفق في مسار النضال الفلسطيني سابقاً وحالياً ولاحقاً بالطبع، إذا ظلت الأوضاع، كما هي عليه الآن. وهذا مستحيل، ذلك أن المشروع الرسمي السلطوي بدأ بالتقزم شيئاً فشيئاً مقارنة مع النضالات الجماهيرية الفلسطينية، كما الأمر تماماً في سلطة غزة. الجانب الخامس في المشروع السلطوي الثنائي الحالي يتمثل في أنه لا وجود لآفاق نجاح حقيقية لعناصره. ثم إن هناك جوانب عدة مثل كون البرنامج السياسي للسلطتين (رام الله وغزة) المتلخص في إقامة دولة فلسطينية على كامل حدود عام 1967، دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، لا يرتبط في أساسه على العامل الفلسطيني، بمعنى الوصول إلى ميزان قوى مع الكيان يفرض عليه الاعتراف بالحقوق الفلسطينية وإقامة هذه الدولة العتيدة، وإنما ونتيجة لتوقيع اتفاقيات أوسلو المشؤومة، تم ربط تحقيق هذا المشروع بالموافقة الإسرائيلية، الأمر الذي يستدعي بناء استراتيجية فلسطينية جديدة متوائمة مع المخاطر الصهيونية. استراتيجية تعتمد على النهج الأساس في إجبار الدولة الصهيونية على الاعتراف بحقوق شعبنا الفلسطيني، وحقوق أمتنا العربية أيضاً، ألا وهو الكفاح المسلح، ثم المطالبة بتبني هذا النهج على الصعيد العربي أيضاً. كل ذلك يعني أن المشروع الوطني الفلسطيني يعاني العديد من الأزمات: أزمة سياسية، وضوح رؤيا، فكرية، مالية، تنظيمية وأزمة بنيوية. وعدد ما تشاء. الجانب الأخطر في عوامل المشروع الوطني هو: أزمة البديل الموضوعي لما هو قائم. قد تبدو هناك قوى مؤهلة لتجاوز الأزمات بالمعنى السياسي والآخر الكفاحي وتشكيل البديل، غير أن صيغ التجميع بين عناصر هذا البديل فاقدة للكثير من العوامل وتقوم على أسس مدمرة، أبرزها الانتهازي، فالبعض يؤشر نحو اليسار ويذهب باتجاه اليمين، تعبيراً عن حقيقته الموضوعية. المغطاة بقشرة من الثورية المدعاة. قشرة شفافة، الأمر الذي يصب في مجرى عموم أزمة المشروع الوطني الفلسطيني. fayez_rashid@hotmail.com