15 ألفاً راتب الطبيب المواطن! هل من المعقول أن يتقاضى الطبيب الإماراتي راتباً لا يتجاوز الـ 15 ألفاً بعد أن قضى أكثر من 6 سنوات في الجامعة، غارقاً بين الكتب والاختبارات والتدريب؟ هل يعقل أن يحصل الطبيب راتباً أقل من خريج الثانوية العامة الذي يعمل في هيئة اتحادية أو محلية أخرى؟ رقم أعلن عنه في تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية في المجلس الوطني الاتحادي، وكشف التقرير أيضاً أن وزارة الصحة لم تدرج تعديل الكادر المالي الطبي ضمن ميزانيتها لعام 2016، رغم أهمية ذلك، لأن الحاجة إلى الأطباء في تزايد مستمر، وقطاع المستشفيات في بعض التخصصات تعاني نقص الكادر الطبي، ولتحفيز الشباب للالتحاق بمهنة الطب لابد من حوافز مادية، خاصة أن نسب التوطين في القطاع الطبي لم تتجاوز الـ 25%. واقع الحال وحسب جدول الرواتب في وزارة الصحة تبين أن راتب طبيب امتياز يتجاوز الـ15 ألفاً، فمن أين للجنة الشؤون المالية والاقتصادية بهذا الرقم الذي ينافي حقيقة الرواتب ؟ الراتب الذي أعلن عنه في تقرير المجلس غير صحيح، لكن فعلياً مازال القطاع الطبي يعاني تدني الرواتب، خاصة طبيب الامتياز الذي ينال راتبا لا يشجعه على الاستمرار في العمل، ويجعله يفكر الانتقال إلى الهيئات الصحية الأخرى أو القطاع الخاص، بدل العمل في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة. مهنة الطب ما زالت محافظة على مكانتها الاجتماعية بعكس مهنة التدريس، لكن تدني الرواتب مقارنة مع التخصصات الأخرى يجعل الطلبة يعزفون عن دراسة الطب، لأنها تحتاج جهد وسنوات أطول وراتب أقل أو موازي لتخصص آخر. والسؤال الذي يطرح نفسه، ما مصير خطة وزارة الصحة لوضع سلم وظيفي للأطباء وسلم وظيفي آخر للفنيين، والذي أشار إليه وكيل وزارة الصحة، وأكد فيه أن الكادر المقترح سيكون الأفضل على مستوى الدولة وسيعمل على استقطاب الكفاءات والخبرات للعمل في المستشفيات التابعة للوزارة؟! نقص الكوادر الطبية والتمريضية بشكل عام يتولد عنه تقديم خدمات بجودة أقل في ظل العدد المتزايد للمرضى الذين يتوافدون على المستشفيات، والمتتبع لأقسام الطوارىء في المستشفيات الحكومية سيشهد العجب، والانتظار لساعات طويلة وأحيانا التشخيص الخاطىء أو المتأخر للمرض، وفي ظل زيادة رواتب الكادر الطبي لن نشهد ظاهرة الطبيب المهاجر الذي يبحث دائما عن الوظيفة الأفضل براتب أعلى وضغوطات أقل، خاصة أن الاختصاصيين والاستشاريين مطلوبون وأمامهم سوق خليجية مفتوحة تقدم لهم رواتب مغرية. مراكز صحية ومستشفيات جهزت ولم تفعل، وتلك بحاجة إلى ميزانيات ضخمة لتزود بالأجهزة وبالكادر الطبي وتستقبل المرضى وتقدم خدمات نوعية، فحصول المواطن على الخدمات العلاجية أكثر جدوى وأشد إلحاحاً من الصرف على مبادرات تثقيفية لا يلتفت لها العنصر الإماراتي، أو مبادرات لا تكتمل ولا تنجح لكنها تلتهم الملايين من ميزانية الوزارة. eman.editor@hotmail.com