في تصوري الخاص أن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، انطلق في رؤية برنامج التحول الوطني، أو الخطة التنموية العاشرة، من قاعدتين أساسيتين: القاعدة الأولى ما تراه قيادة المملكة، الملك وولي العهد، من ضرورات إعادة النظر في منطلقات التنمية التي يجب أن تخضع من الآن لفروض وشروط التنمية المستدامة، والقاعدة الثانية أن المواطن بات يتطلع إلى وضع متغير يحميه معيشيا واجتماعيا، ويضعه، كما يتوقع، في المكان الصحيح من حيث الانتماء لوطنه والولاء الحاسم لأهداف هذا الوطن. هذا يعني أن رؤية القيادة التقت مع تطلعات المواطنين وأن البلد تستعد للإقلاع في اتجاهات اقتصادية وتنموية متعددة بدلا من البقاء الدائم على مدرج النفط من جهة والرضا بما هو حاصل على مستوى الأداء في القطاعين الحكومي والخاص من جهة أخرى. لن تكون المسألة، بطبيعة الحال، سهلة، فهي تتطلب قبل البنية التنموية في صورها المادية، بنية فكرية اجتماعية تفهم الواقع وتشارك فعليا في تغييره. وإذا كانت النخبة تتحمل جزءا كبيرا من هذه المشاركة فإن المواطن العادي يتحمل جزءه الخاص باعتباره هدف البرنامج النهائي، عاملا ومعلما ومشاركا، على وجه الإجمال، في التغيير الحتمي الذي تفرضه سياقات سياسية واقتصادية واجتماعية متعددة إلى العام 2020م. النقد قبل المدح هو ما طالب به الأمير محمد بن سلمان المشاركين في ورشة (التحول) لأنه يعلم، كرجل دولة وتنمية، أن البلدان، في خططها واستراتيجاتها نحو المستقبل، لا تبنيها المدائح ولا يشيد مشاريعها التنموية الحقيقية الدق على الطبول وإشعال البخور. إذا أردت أن تبني بلدا وأن تنطلق به إلى آفاق رحبة ومنافسة فلابد أن تكشف أولا عن أوجه القصور والأخطاء فهذه، كما أثبتت الأيام والتجارب، هي نقطة البداية لأي بلد أراد أن يؤسس لمعاصرته وتفوقه الاقتصادي والتكنولوجي. التفاؤل هو سيد الواقع السعودي الآن، والناس، مع هذه الانطلاقة الجديدة، يحدوهم أمل كبير بإحداث تغييرات جذرية في كل بيئة علمية وعملية في المملكة، خاصة أن الفرصة، كما هي الحال دائما، لا تتوفر مرتين. علينا جميعا، وزراء ومسؤولين ومواطنين، أن نصطف خلف برنامجنا للتحول الوطني ونعتبره فرصتنا الكبرى والأجدى لتغيير واقعنا ووتائر حياتنا، بدءا من صف التمهيدي إلى كرسي الوزير. لا نستثني أحدا ولا نعذر أحدا، فكلنا نتحمل مسؤولية الإقلاع الوطني من مدارج مختلفة إلى أهداف متعددة.