أُسدل الستار أخيراً على مزاد (دانة الرامس) العقاري شرق منطقة العوامية في محافظة القطيف، الذي حصد ما يقارب الثلاثة مليارات ريال، تسابق عليها تجار العقار، ليستحوذوا بذلك على إحدى أطول وأجمل المناطق الساحلية على شاطئ الخليج العربي، المزاد الذي تفاوتت فيه الأسعار بين 1200 و 1700 للمتر واجه طلباً كبيراً من العقاريين، ومن المتوقع أن تشهد أراضي هذا المخطط مستقبلا ارتفاعات تتجه به إلى مستويات أعلى من هذا الرقم نظراً لموقعه الاستراتيجي المهم وجمال المنطقة التي يقع فيها، في هذا السياق بدا المجتمع أقل ذهولاً واكتراثا من ذي قبل بهذه الأسعار المرتفعة، السبب ربما يعود لعدم ثقة كثيرين في أنَّهم سيستطيعون يوما امتلاك أرض فضلا عن منزل، أما بعضهم الآخر فرأى أنَّ التهكم فرصة جيدة لتفريغ شحنات الأسى من عدم القدرة على فعل شيء. المقالات التي كُتبت في مشكلة السكن كثيرة وأعتقد أنَّ كثيرين تملكهم اليأس بحيث أصبح الحديث عن السكن حديثاً مملا وغير مفيد، شخصياً أميل كثيراً لهذا الجانب، فحينما نعرف أنَّ كثيرا من أجمل مدن العالم وفي أكثر البلدان تقدماً تقل فيها الأسعار عن مخطط العوامية وبأقل من النصف، نُدرك كيف أنَّ المشكلة متفاقمة لدرجة خطيرة جداً. ولاية فلوريدا تصلح كما أرى للمقارنة بينها وبين العوامية، فهذه الولاية الجنوبية تمتاز بجو جميل ودافئ وشواطئ خلابة بين خليج المكسيك والمحيط الأطلسي جعلها تستحق لقب (ولاية الشمس المشرقة)، كما أنَّها تضم ضمن معالمها السياحية ملاهي ديزني لاند الترفيهية الجميلة ومركز كيندي للفضاء إحدى قواعد ناسا، وهي مليئة بالأنهار والبحيرات وتمثل وجهة محببة للدراسة الجامعية كذلك، كل ذلك جعلها من الولايات السياحية بامتياز، أما العوامية فلا يوجد فيها جامعات ولا أنهار ولا بحيرات ولا ديزني لاند ولا ناسا ولا أي شيء من ذلك ومع ذلك فإنَّ سعر قطعة الأرض فيها يضاهي سعر بيت في فلوريدا!!، صدق أو لا تصدق أيها القارئ العزيز أنَّ منازل فلوريدا الجميلة والرائعة والمطلة على جنان الله في أرضه أرخص وأقل ثمنا من أسعار أراضي مخطط دانة الرامس وربما كثير من مخططات المملكة. بطبيعة الحال ولأنَّ أسعار الأراضي والمنازل مرتفعة جداً فإنَّ الغالب على من يريد البناء الاستفادة من البرامج المذهلة لبنوكنا المحلية، قروض عقارية أول شروطها امتلاك 30% من سعر العقار، أما الفوائد البنكية وعلى مدى طويل فإنها ستجعل من إجمالي قيمة هذا العقار مبلغاً مرتفعاً جدا، هذا الأمر وأسباب أُخرى تجعل من المنطقي تماماً أن يصل صافي أرباح جملة من بنوك المملكة إلى ما يقارب رأسمالها كل عام، وهذه الظاهرة لا توجد في كثير من بلدان العالم. بعد سنوات غير طويلة من عمل إخواننا الفلبينيين في شركاتنا وشققنا يعودون إلى بلدانهم ليمتلكوا البيت الذي حلموا به وأعمارهم لم تزل صغيرة نسبياً، أما شبابنا فيستقبلون بين العام والآخر بطاقات أسفل أبواب شققهم ومنازلهم تتضمن رغبة صاحب المنزل في زيادة أسعار الإيجار، بذلك تصبح الدوافع أكثر منطقية لأن نطلي شعورنا بالأسود ونحن دون الخامسة والثلاثين من أعمارنا لنصبح أكثر جمالاً وبهاءً، فيما قلوبنا بالتأكيد تحتفظ بالعمر المنطقي لأجسادنا المنهكة.