من أسوأ الصفات وأقبحها أن يبتلى أي انسان بداء الكبر فيرى انه يتمتع بصفات تجعله ينفخ ريشه ويهز عُرفه فيتكبر على الآخرين وينظر اليهم باستصغار ويحقِرهم في حضورهم وفي غيابهم لأنه ينظر الى المجتمع وأفراده من برج عالٍ وضعته نفسه السيئة فيه فتخيل أنه مستحق لهذا البرج العالي، وتوهم من خلاله أن وضعه الاجتماعي يخول له وضع نفسه في هذا الإطار المتغطرس . ولاشك أن هذا الداء مذموم عند الله وعند الناس ومن ابتلي به فهو في خطر عظيم وبلاء مقيم سواء أدرك ذلك أم لم يدركه فقد أعماه كبره عن رؤية الحق والحقائق وحسبه وأمثاله ما توعد به رب العزة والجلال كل متكبر فقد قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الشريف ((الكبرياء ردائي والعزة إزاري)) كما أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم قد حذر من الكبر في حديثه (( حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)) ولا يكون ذلك الا ممن ملأ السوء قلبه وعقله وفكره ،ومن اجتمعت فيه كل هذه الخصال الذميمة فقد باء بالخسران المبين . ويبلغ الكبر أسوأ درجاته عندما يحمله قلب من يحتل وظيفة عامة وَظف عليها لخدمة الناس وبأجر شهري ومزايا تمنحها له الدولة وقد تكون الوظيفة ذات صلاحيات بسيطة أو متوسطة أو حصل على صلاحيات أعلى من وظيفته أعطته سلطة تنفيذية أكبر من حجمه وعقله وإمكانياته فيؤدي به ذلك وما يتبعه من أضواء واحتفال إعلامي واجتماعي الى تحوله الى ديك رومي صغير عُرفه أخضر ومنقاره أحمر وقلبه أسود فيصبح لا يرى الناس الا بعين الغطرسة والكبر والازدراء حتى إنه يرى نفسه أعلى ممن يفوقه مكانة ووظيفة وخلقاً على طريقة متصدر .. لا تكلمني ، مع اعتذاري للعالمي ويغدو، مثل البالون الطائر في الهواء لا يحتاج الا الى دبوس صغير يعيده الى حجمه الطبيعي منكمشا او ممزقاً تحت الاقدام.. ويبلغ داء الكبر مرحلة متقدمة عند صاحبه حتى يظن أنه نال المجد من أطرافه وأن الناس تحسده على ما هو فيه فيبدأ في التشكي من الحسد والحاسدين مع انه لو عقل وعرف حقيقة الأمر لعلم أن بعض من يراه وهو في تلك الحالة يهتف قائلا " الحمدلله الذي عافانا مما أبتلى به هذا المتكبر المتغطرس" ولا شك أن من كان كبره وغطرسته سببه الوظيفة التي يحتلها وبريقها وما منحته من تسلط فإن كل هذه النفخة التي هو فيها سوف تنتهي بإذن الله لأن الله توعد وهو الحق وقوله حق ان يقصم كل من نازعه في رداء الكبرياء .. فاللهم احمنا جميعا من الغرور والكبر ولا تجعل فينا ولا بيننا من يلبس رداء الكبر فتقصمه .. وعلى كل من يراجع متكبراً أن يتلو على باب مكتبه قوله عز وجل (وقال موسى إني عُذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) والله الهادي الى سواء السبيل . assas.ibrahim@yahoo.com