×
محافظة المدينة المنورة

مستشفى الأنصار يستقبل نصف مليون حالة في عام

صورة الخبر

1 منذ عام وعصفور اسمه الحب يقفز بقدميه الصغيرتين على عتبات قلبكِ عتبة عتبةً كل صباح ولا يدخل. كنت أبرد قصيدتي بكعبك العالي فأنير بقية يومي برائحة الحقول، وأقضي يومي أراقب كيف تحاول الشمس رسم ملامحكِ بريشة ظل رمادية: كرسي أخضر، مروحة داكنة في يدك مرسوم عليها عصفور أزرق الذيل، إلخ. لكنك تقومين قبل أن تكتمل اللوحة. فحين تحضرين تغيب الأشياء، وحين تغيبين تكون كل الأشياء أنتِ. فكما يتتبع البدوي قطرات المطر على الرمال، أتتبع الورد الذي خلفته في دمي، ليدلني على ما فاتني منك ومن عمري، يدلني عليك جالسة تلبسين قبَّعة من الخوص، وصندلين سماويين، كأنك تمسكين البحر كتاباً وتنفضين منه النوارس. فلوصف امرأة أحتاج إلى لغة جديدة، أما لوصفك أنت فأحتاج إلى قبيلة من الورود، وقطيع من الغيوم المهاجرة، وليل قليل القناديل. فقد يولد الحب فجأة في الطريق إلى سباق خيل، أمام نافورة ثرثارة في زحمة الغيوم، عند موقف باص قديم. لكنه لن يموت، هكذا، وأنا أقشر برتقالة مثلاً. 2 أيها الحب، توجد عصافير تحمل القوافي من بيت إلى بيت، فدعها تطرْ دون جوازات سفر. ويا أيها الحرف، توجد قصيدة تبتسم للعابرين، ولا يراها أحد، فقم إلى ناقد ليعزف لها لحناً من مقام الياسمين. ويا أيها الوجد، توجد خفقة فاتها قطار الصدى، فلا تُطل الانتظار تحت الشمس والمطر. ويا أيها الماضي، يوجد حنين يصل إلى أهله على عكازتين، فللحب والحرب ماضٍ يحاور حاضره بالشوكة والسكين، فإن الذي بينهما راء تدخل كالسيف بين رحى الحرفين. ويا أيها الشوق، يوجد حبٌ فرَّ من طوق الحمامة، واندس مثل السنونو في سقوف القلوب التي عتَّقها الحزن والهجْر، فلا تدعه وتمضي. ويا أيها الحزن، توجد بسمة غرقت في دمعة عابرة، فالتقطها كما يلتقط مالك الحزين سمكة من فضة الماء. ويا أيها الطريق، توجد لهفة في فم المسافر مرسومة في تقويسة الوردة، فلا تتعرج كثيراً. ويا أيها المدى، توجد درَّاجة مركونة على السياج في قلب الغريب، فلا تبتعد أكثر. ويا أيها الربيع، يوجد سياج أخضر بانتظار الحديقة، فدحرجْ خلاخيلك من أعلى التل، ولا تتلكأ. ويا أيها السحاب، توجد مظلة معلَّقة فوق دروب المدينة بانتظار المطر، فاعزفْ على وترها المشدود. ويا أيها القلب، سر قليلاً على ما تبقى من عشب حياتي، ولا تتوقف. 3 من فتَّش صدره ووجد قلبه فليس بشيء، سرقتْ قلبي واختفت خلف تلال القصيدة. ومن لم يولد أكثر من مرة فليس بشيء، وجدتُ نفسي أحاول فتح مكاتيب عمري مرة أخرى: من أنا وأين طريقي، وقلبي المعذب لمن؟ ومن لم تجرحه شفرة الانتظار فليس بشيء. نزفتُ وما زلت أداوي جرح الانتظار بأمل يوقف نزيف التفاؤل المفرط من دمي، غداً أو بعد غد يجيء الذي لا يجيء. من لم يثْقبه الغدر كناي ولو مرة واحدة فليس بشيء. كلما تفقدتُ نفسي وجدت ثقبا جديدا، لو جرتْ ريح لعزفتني. ومن لم تشققْه المعرفة فليس بشيء. شققتني معرفة المسافة بين الشكل والمعنى ووظيفة اللاشيء بينهما على حدود الحقيقة والمجاز.. ومن لم يجدْ نفسه مصادفة وهو في الطريق إلى غيره فليس بشيء. الآخرون درب طويل ينتهي فيك.. * أجزاء من كتاب يصدر قريباً بعنوان: الكتابة تقول لا.