لغتنا العربية أكثر من هويّة ورابط جامع، فهي لغة القرآن الكريم ولغة حضارة العالم لعدة قرون ساد فيها العرب والمسلمون الكرة الأرضية وسارت لغتهم مسير الشمس، وصارت مفخرة لكل لسْنٍ ولون، حتى شكا قساوسة الأندلس من إقبال شبابهم وطبقتهم الراقية على تعلم اللغة العربية والافتخار بإدخال مفرداتها ومصطلحاتها في أحاديثهم كرمز للثقافة والسمو، وتعلموها لكي يجيدوا العلوم الحديثة في وقت مجد العرب في الأندلس. ومع ضعف العرب ضعف انتشار لغتهم ولكنها لم تضعف هي بل أصبحت "كالسيف الصارم في كف مُنْهزِم".. وفي المملكة -مهد العربية- تم تأصيل اللغة العربية منذ توحيد المملكة، عبر جامعات الإمام وأم القرى والملك سعود والجامعة الإسلامية والمعاهد المختلفة ومناهج التعليم، ومركز الملك عبدالله العالمي لخدمة اللغة العربية التي استوعبت الفنون والعلوم على مرّ العصور، ولولا عقوق الكثير من أبنائها وبرهم بالانجليزية على حسابها لسادت من جديد واستوعبت مختلف العلوم الحديثة، ولهذا تشكو هذه الأم الولود الودود من مرارة العقوق: (رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحاسِني ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة ً وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي سقَى اللهُ في بَطْنِ الجزِيرةِ أَعْظُماً يَعِزُّ عليها أن تلينَ قَناتِي حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُه لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ، والشرقُ مُطْرِقٌ حَياءً، بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ أَيهجُرنِي قومِي-عفا الله عنهمُ إلى لغة ٍ لمْ تتّصلِ برواةِ؟. "حافظ إبراهيم"