×
محافظة المنطقة الشرقية

"بوما" تجمع الأهلاويين والاتحاديين

صورة الخبر

في كتاب نهاية الرتبة في طلب الحسبة من وضع عبدالرحمن بن نصر الشيزري، أحد علماء القرن السادس الهجري، يخصص فصلا عن الحسبة على مؤدبي الصبيان، موضحا واجباتهم وما يلزمهم متابعته. ما يلفت النظر في كلام الشيزري، أنه حين يتحدث عن الاحتساب على مؤدبي الصبيان، تراه يجعل للمحتسب دورا في تقرير المنهج الذي يختاره المؤدب لتعليم الصغار، ودورا آخر في اختيار الطريقة التي يعلم بها ذلك المنهج، يقول: «وأول ما ينبغي أن يعلم الصبي السور القصار من القرآن، بعد حذقه بمعرفة الحروف وضبطها بالشكل، ويدرجه بعد ذلك حتى يألفه طبعه، ثم يعرفه عقائد أهل السنة والجماعة، ثم أصول الحساب، وما يستحسن من المراسلات والأشعار دون سخيفها ومسترذلها». ويضيف إلى هذا المنهج العلمي منهجا آخر في علوم الدين والأخلاق، فيوجه المؤدب إلى أن يأمر الصبيان ممن تجاوز سنه السابعة بالصلاة في جماعة، وببر الوالدين وطاعتهما. أما متى أساء الصبيان الأدب أو قالوا الفحش من الكلام، أو لعبوا بالألعاب المحرمة كالكعاب والبيض والنردشير وجميع أنواع لعب القمار، فإن للمؤدب أن يضربهم. ولكن عليه ألا يضرب بعصا غليظة تكسر العظم ولا رقيقة تؤلم الجسم، وأن يتخير مواضع الضرب فيضرب الأفخاذ وأسافل الرجلين فهذه المواضع لا يخشى منها غائلة. أما ما يتعلق بالسلوك الشخصي للمؤدب، فيطرح الشيزري قائمة من النواهي والمحظورات، التي تعطينا صورة واضحة عن طبيعة المجتمع وثقافته في ذلك القرن، من ذلك أن على المحتسب أن يمنع المؤدب من استخدام «الصبيان في حوائجه التي فيها عار على آبائهم، كنقل الزبل وحمل الحجارة»، ويفهم من هذا أن عادة المؤدبين جرت باستخدام الصبيان في قضاء حوائجهم، وأن على المحتسب منعهم من استخدام الصبيان فيما فيه عار على آبائهم فقط. ومنه أيضا منع المؤدب من أن يرسل الصبي إلى داره وهي خالية، وهذا حماية للمؤدب «لئلا تتطرق إليه التهمة»، ومنعه أيضا من أن «يرسل صبيا مع امرأة ليكتب لها كتابا»، «فإن جماعة من الفساق يحتالون على الصبيان بذلك». ومن خلال ما يذكره الشيزري من التوصيات للمؤدب، نعرف أن عادة الناس آنذاك جرت بأن يكون هناك مرافق للصبيان يأخذهم إلى الكتاب، ولذلك هو يضع شروطا للمرافق يجب التقيد بها، لأن المرافق يصحب الصبيان في «الغدو والرواح وينفرد بهم في الأماكن الخالية ويدخل على النسوان»، وهذا كله يلزم: أن يكون السائق (المرافق) لهم أمينا، ثقة (متأهلا). وكلام الشيزري هنا عن المرافق الذي يصحب الصبيان إلى المكتب، يذكرنا بأطفالنا الذين نسلمهم كل صباح للسائق ينفرد بهم في الطريق إلى المدرسة، وفي الغالب هو ممن لا تنطبق عليه شروط الشيزري، خاصة شرط (التأهيل)، فمعظم السائقين عزاب. وآخر نصيحة يأمر بها الشيزري المحتسب، هي أن يرقب المؤدب فيمنعه من تعليم المرأة الخط، «لأن ذلك مما يزيد المرأة شرا».