تمرُّ العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا حاليّاً بمرحلة حرجة، على الرغم من أن هذه الحالة، اكتسبت طابع الديمومة على مدى السنوات العشر الماضية. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية بوجه خاص، تدهوراً في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا. والعقوبات الاقتصادية التي فُرضت على موسكو في صيف 2014، في أعقاب تصويت القرم في استفتاء شعبي، لصالح عودة الانضمام إلى روسيا، مستمرة في ممارسة أشدّ الآثار على العلاقات بين الجانبين. وبالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي سوف يمدّد على الأرجح قيوده الاقتصادية المفروضة على روسيا ستة أشهر أخرى، فينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يهيئ نفسه لجولة جديدة من التوتر. وبعبارة أخرى، يمكن للفكر السياسي الأوروبي المشترك، أن يطغى على مسألة الخسائر الاقتصادية المحتملة. واليوم هو اللحظة المناسبة التي ينبغي على الاتحاد الأوروبي، أن يتخذ قراره فيها بشأن تعزيز العلاقات مع ما يُسمّى القوة العظمى الوليدة. ويمكن للعلاقات الثنائية أن تمضي في أحد طريقين: تعزيز الروابط، أو الإمعان في التباعد. وليس من خيار ثالث، ولكنْ، ما هو الأفضل؟ إن كل دولة أوروبية تملك وجهة نظر خاصة بها، وفي بعض الأحيان، تختلف فيما بينها بقدْر كبير. ليس سِرّاً أن العقوبات تؤذي كلا الطرفين على حدٍّ سواء. ويقول بعض الخبراء إن فرض القيود هو الطريقة الوحيدة لوقف خطط روسيا الطموحة في أوكرانيا. ويعتبرها آخرون طريقاً مسدوداً. وربما لو لم يتصاعد الإرهاب لما توفرت للعلاقات أي فرص للتحسن في المستقبل القريب. فلا الاتحاد الأوروبي، ولا روسيا، سيغيّران موقفيهما من الصراع في أوكرانيا. ولكن الأحداث الإرهابية الأخيرة في باريس، أدت إلى مراجعة وجهات النظر في بعض الدول الأوروبية بشأن الجهود المشتركة لمقاومة انتشار الشرّ. فالدول الأوروبية التي تواجه بالفعل تهديداً إرهابياً يوميّاً في عقر دارها، توافق على توحيد جهودها مع روسيا على الأقلّ في مجال واحد- هو المعركة مع الإرهاب. ويبدو التحالف الدولي الواسع الذي يشمل روسيا، أشدّ فاعلية من عدمه. وينبغي القول إن مبادرة موسكو الأخيرة للقيام بدور ريادي في المعركة مع الإرهاب، أعادت تسليط الأضواء الشديدة على روسيا، وأدت إلى استقطاب في آراء الدول الأوروبية بشأن الكيفية التي يجب أن يرُدّ بها الاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء فيه. وقد رفضت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل لتوانيا، ولاتفيا واستونيا بصورة قاطعة، الدخول في أي تعامل مشترك مع روسيا. ويعود ذلك على الأرجح إلى الماضي الأليم المشترك، لا إلى شيء آخر. وبوجه عام، تكمن مشكلة الاتحاد الأوروبي الرئيسية في غياب الإجماع. فقد جرت العادة، أن تفعل كل من دول الاتحاد الأوروبي منفردةً، ما يلائم احتياجاتها. وقد أضعف ذلك صوت مؤسسات الاتحاد الأوروبي. فالمصالح السياسية والاقتصادية للمنظمة ككل، وللدول الأعضاء كلٍّ على حِدة بوجه خاص، كثيراً ما يتعارض بعضها مع البعض الآخر. وقد كانت الروابط الاقتصادية مع بلد كبير كروسيا، مربحة على الدوام. وليست كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على استعداد لرفض الفوائد التي يمكن أن تجنيها، حتى في الوقت الحاضر. أمّا روسيا المعنية كثيراً بالتعاون مع أوروبا، فقد ابتدعت لنفسها آلية خاصة للتعامل مع تلك الدول. فاختارت الدولَ التي يمكن أن تشكل أي تفاهمات ثنائية، وتقيم اتصالات شراكة معها كلاًّ على حِدة. وقد نجح ذلك فعلاً، وسينجح بالتأكيد. وعلى أي حال، فإن الاتحاد الأوروبي مضطرٌّ إلى التفاعل مع روسيا. والطرفان مقدَّرٌ لهما أن يتعاونا معاً، نظراً إلى عوامل جغرافية وجيوسياسية. وتظل المسألة، هي الأسلوب الذي يتم به ذلك. وفي ما يتعلق بالتطورات الأخيرة، فإن الاختيار الصائب بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، ليس مسألة الصورة السياسية فقط، بل إنَّ القرار الخاطئ، قد يكلف الأوروبيين، خسائر في الأرواح أيضاً. * كاتب ليتواني مقيم في بريطانيا