×
محافظة المنطقة الشرقية

وفاة مواطن بعد إشعاله النار بمنزل ذويه بمكة

صورة الخبر

أساطيل وحاملات طائرات وغواصات تمخر البحار وتعبر المضايق والممرات المائية، متجهة إلى البحر الأبيض المتوسط. قواعد عسكرية بحرية حديثة، وقواعد أخرى برية يتم بناؤها في دول عديدة في المنطقة العربية. طائرات الاستطلاع لا تكف عن التحليق والتقاط الصور وجمع البيانات والإحداثيات، وطائرات مقاتلة وقاذفة لا تكف عن انتهاك الأجواء العربية؛ وضرب القواعد المعادية، وأحياناً الصديقة أو المحايدة، واستفزازات متعمّدة تقوم بها دول ويدها على الزناد، وتجاوزات للحدود، والدخول عنوةً إلى أراضي الغير. فهل تتهيأ القوى لحرب في المنطقة، وما شكل هذه الحرب، ومَنْ أطرافها؟ قال فلاديمير بوتين، رئيس روسيا الاتحادية، إنه لن يتراجع عن موقفه مهما كانت نتائج تحليل الصندوق الأسود التابع لطائرة السوخوي التي أسقطها الأتراك في الأراضي السورية، والعقوبات لن تتوقف عند المنتجات الزراعية، وقال في تصريح سابق إن روسيا لن تسكت على الجرح، وحتى يضع تركيا في الزاوية، نشر أفلاماً قصيرة تظهر مرور شاحنات داعش المحملة بالنفط السوري وهي تدخل الأراضي التركية. وعبرت سفينة عسكرية وعليها جنود يوجهون صواريخهم نحو إسطنبول. تركيا دخلت الأراضي العراقية؛ وترفض الانسحاب، رغم مطالبة الحكومة العراقية لها بالعودة إلى أراضيها، وتطالب الأخيرة مجلس الأمن بإصدار أمر ملزم لتركيا. وأمر رئيس الوزراء العراقي جيشه بالاستعداد للمواجهة، وأرسل طائراته لتحلق فوق المنطقة التي دخلتها تركيا، ما يعني الرصد العسكري قبل توجيه الإنذار الأخير؛ وثمّ، ربما، القصف. إيران انضمت إلى روسيا في التأكيد على التجارة النفطية بين داعش وتركيا، وتقول إن لديها وثائق دامغة، وأبدت استعدادها لإرسال طائراتها لقصف قواعد داعش والتنظيمات التي على شاكلتها، وهو تطور جديد في التحركات العسكرية، ناهيك عن الاتصالات التي تتم في الخفاء، وتشجع الحكومة العراقية على عدم السكوت على الانتهاكات التركية للأراضي العراقية. يشعر كثيرون أن الحرب على الأبواب في المنطقة، لكن يجهلون أطرافها، فالحرب هذه المرة لن تكون بالوكالة، وإنما مباشرة، دولة ضد دولة، وأحلاف ضد أخرى. لقد عاش العالم على أعصابه لسنوات طويلة خلال المفاوضات الصعبة بين إيران والولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية بشأن البرنامج النووي الإيراني، وظن كثيرون أن الحرب قد تنشب في أي لحظة، خاصة أن الأجواء كانت مهيأة، ودخلت إسرائيل على الخط؛ وسخّنت الموقف في أكثر من مناسبة، حتى ظن كثيرون أنها ستقوم بضرب إيران، رغم اعتراض الولايات المتحدة. لكن توقيع اتفاقية بين إيران والأطراف الأخرى أسقط فرضية أن تقوم الولايات المتحدة بضرب إيران. وأطلقت عاصفة الحزم بقيادة السعودية لضرب الحوثيين المدعومين من إيران، وقد فعلت ذلك لدفع إيران إلى الخلف، وعدم تمكينها من الوجود في اليمن، وبالتالي من السيطرة على مضايق استراتيجية؛ ومنها مضيق باب المندب. الحرب الدائرة في اليمن لا تُحزن الولايات المتحدة والغرب، بل إنها ربما تهلل لها وتكبّر، لأنها تضرب أحد حلفاء إيران في المنطقة. والشعور نفسه سينتاب أمريكا إذا ما نشبت حرب أخرى في المنطقة، فالرابح الوحيد سيكون الولايات المتحدة والغرب. بالنسبة لتركيا، التي تورّطت في الشأن السوري والليبي والمصري وربما التونسي، ودعمت القوى المتطرفة، وأغرقت هذه المناطق بالسلاح والمقاتلين، فعلت ذلك بتشجيع من الولايات المتحدة، وهذه الأخيرة تعلم خطورة ما تفعله تركيا في المنطقة، وتعلم إلى ما ستؤول إليه الأمور، ويشبه تدخلها الحالي في تركيا تدخل الرئيس الراحل صدام حسين في العراق، وكان ذلك أيضاً بتشجيع غير مباشر من الولايات المتحدة، وكانت النتيجة ما نراه الآن يحدث في العراق. وتركيا أيضاً بلد مزدهر اقتصادياً، واقتحم الأسواق العربية، ويشكل منافساً مهمّاً للسلع القادمة من أوروبا والولايات المتحدة، ناهيك عن تمتعه بقوة عسكرية تجاوزت، ربما، الحجم المطلوب والمسموح. تركيا وإيران دولتان مسلمتان، وقويتان عسكرياً واقتصادياً، وكلتاهما تهدد جيرانها وتسعى لتوسيع نفوذها في المنطقة، إيران تريد التوسع في العراق والخليج ولبنان وسوريا، وتركيا تريد التوسع في سوريا والعراق، ويتضح هنا أنهما يتصارعان على مناطق النفوذ ذاتها. وقد تهورت تركيا بالدخول إلى الأراضي العراقية، وقد تتهور إيران بإرسال طائراتها المقاتلة إلى السماء العراقية، وقد تقوم بشن غارات على القوة التركية المتقدمة في العراق، لكن سيتم ذلك، إن حدث، على أنها طائرات عراقية. الحرب القادمة لن تكون بين روسيا وتركيا، وإنما قد تكون بين تركيا وإيران، والتحالفات ستكون واضحة للغاية، وإن كان يعتريها الضباب، فتركيا ستستند إلى الظهر السني، وإيران إلى الظهر الشيعي، وتركيا ستتوقع دعماً من الناتو، وإيران ستتوقع دعماً من روسيا والصين، وسوريا بالطبع، لكن لا الناتو ولا روسيا أو الصين ستكون على استعداد للدخول في حرب معلنة ضد بعضها البعض. لن نتحدث عن النتائج المدمرة لهذه الحرب، لكنها بالتأكيد ستقضي على الموارد المالية والقاعدة الاقتصادية والعسكرية لدولتين مسلمتين، ويكفي هذا الانتماء حتى لا تحزن الولايات المتحدة، وستبقى تكرر طلبها بوقف العمليات الحربية، وتطلب مجلس الأمن للانعقاد، إلى حين يصيب الدمار هاتين القوتين، ثم تبدآن بالتفاوض على مناطق النفوذ، وعندها ستصبح داعش والتنظيمات المختلفة أوراقاً ثانوية يسهل القضاء عليها. وهذه الحرب، إن نشبت، ستعوق أيضاً الطموحات الروسية، أو قد تلبي جزءاً منها، لكنها ستوقف المخططات أو تؤجلها. الجميع يلعب بالنار الآن، والمشكلة أن هذا اللعب يتم في منطقة تطفو على بحيرات من النفط، سريعة الاشتعال. ومن الصعب أن تنصح الرؤوس الحامية، لكن التعقل واجب، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى يجب أن يؤخذ في الاعتبار لنزع فتيل الأزمة. suwaiji@eim.ae