×
محافظة المنطقة الشرقية

«3» طلاب يتدخلون لحماية زملائهم من تماس كهربائي بجازان

صورة الخبر

يتميز هذا الكتاب بأنه يصدر في وقت يكاد العالم يُجمع فيه على أن كوكب الأرض لا ينبغي تركه نهباً للعوامل التي تلحق الأضرار الفادحة بطبيعته وأساليب حياته والسكان الذين يعيشون على سطحه، وخاصة ما يتعلق بالأضرار التي باتت تلحق بالبيئة الكوكبية، ولاسيما آفة الاحترار أو التساخن الكوكبي بكل عواقبها، سواء في مجالات الزراعة أو صحة الانسان. على أن الكتاب يولي تركيزه على التكاليف الاقتصادية التي يمكن أن تترتب على التصدي لعواقب الاحترار المذكور، حيث إنه ناجم بالدرجة الأولى عن الانشطة الصناعية التي تؤدي، كما أصبح معروفاً، إلى انبعاثات الجزيئات والغازات الكربونية في الغلاف الجوي، وبمعنى أن الذي ينبغي أن يتحمل تكاليف الإصلاح لابد وأن يتمثل بالدرجة الأولى في البلدان الصناعية الكبرى بحكم استخداماتها لطاقة الفحم بالذات. وفيما يورد الكتاب إحصاءات موثوقة، ومبسطة أيضاً، يحيل فيها عبر الصفحات إلى ما توصلت إليه أهم هيئة دولية معتمدة في هذا المضمار، وهي فريق الخبراء الحكومي الدولي المعنى بتغير المناخ، يطرح الكتاب أيضاً مقولاته ضمن الأجواء التي ظلت تحيط بمؤتمر باريس العالمي المعني بتغير المناخ ، ويطرح مؤلفا الكتاب أفكاراً تصل أحياناً إلى مقترحات بتفجير براكين مصطنعة يمكن أن تؤدي إلى انعكاس أشعة الشمس ومن ثم إلى تخفيض حرارة الأرض. كانت قد شارفت على سن الخامسة والخمسين، ودرست في كلية العلوم في بلدها، الولايات المتحدة. وشاءت حظوظها أن تعيش بغير زواج، وهو ما دفعها إلى تكريس جهودها في العمل بمراكز البحوث العلمية الأميركية وأيضاً لممارسة هواية يشغف بها نفر واسع النطاق من الأميركيين، إنها هواية مراقبة الطيور، اسمها راشيل كارسون، كم كان يسعدها أو يؤنس وحدتها أن تخلد إلى مقعدها الاثير في حديقة المدينة، وتسجل ملاحظاتها على مقدم الطيور النادرة المهاجرة في فصل الربيع من الشمال القطبي إلى دفء الولايات المتحدة، وكم شملت ملاحظاتها وتدويناتها ما كان يشّنف آذانها من شدو الطيور وشقشقة العصافير، التي كانت إيقاعاتها تتردد من موسم إلى آخر. ثم جاء حين من الدهر، فإذا بها تفتقد هذا الشدو، ولا يتناهى إلى أسماعها تلك الإيقاعات، وهو ما تعودت عليه الآنسة كارسون مع مقدم كل ربيع. هنالك أمعنت التفكير واستثمرت دراساتها العلمية، فإذا بها تصل إلى النتيجة التالية: الطيور لم تعد تأتي، لأنها تلقى حتفها جراء الإفراط في استخدام مواد مقاومة الآفات وعلى رأسها مادة د.د.ت. كما أن زقزقة الربيع المحببة لم تعد تتردد وتتناهى إيقاعاتها إلى الأسماع، بعد أن أزهقت أرواح الطيور البريئة بسبب ما أُشبعت به الأجواء من جزيئات المواد الفتاكة الناجمة عن تشغيل المفاعلات النووية وما في حكمها. الدعوة البيئية هكذا لم يعد الربيع حافلاً بالأنغام، أصبح يصدق عليه وصف جديد هو:الربيع الصامت، هذا هو بالضبط العنوان الذي اختارته الباحثة الأميركية راشيل كارسون لكتابها الذي بادرت إلى إصداره في عام 1962، وبالتحديد قبل رحيلها بسنتين لا أكثر. والأكيد أنها لم تكن تدري، وقد رحلت في سن السابعة والخمسين، أن كتابها سوف يشكل نقطة تحوّل فارقة في فهم الأنسانية لأبعاد ومشكلات هذا الكون المعجز الفسيح الذي نعيش فيه، ولدرجة أن أصبح هناك من يطلق على هذا الكتاب الوصف البليغ التالي: إنجيل الدعوة البيئية. من هنا ظلت سنوات الثلث أو الربع الأخير من القرن الماضي تشهد زيادة هذه الاهتمامات باطراد، حيث بلغت ذروتها في تنظيم وعقد فعاليات متتابعة يأتي في مقدمتها مؤتمر قمة الأرض (البيئة والتنمية) في ريو، البرازيل في عام 1992، ثم توالت السلسلة من الفعاليات الدولية إلى حيث شهدت العاصمة الفرنسية باريس عقد أحدث هذه الفعاليات المعنية بأحوال وتقلبات المناخ، وهي القمة الدولية التي شهدتها المراحل الزمنية الأخيرة من نوفمبر الماضي. وفيما ظلت القمة الدولية المذكورة معنية بخطورة ارتفاع درجة حرارة الكوكب، فهناك من الباحثين مَن ركّز اهتماماته العلمية على العواقب الاقتصادية التي يمكن أن تترتب على حالة كوكب ارتفعت حرارته، على نحو ما يذهب إليه الباحثان جيرنوت فاغنر ومارتن فيتسمان في كتابهما الصادر تحت العنوان الذي يمكن ترجمته على النحو التالي: صدمة المناخ، النتائج الاقتصادية بالنسبة لكوكب أسخن. تصدر الطروحات الرئيسية لهذا الكتاب عن مقولة جوهرية هي إن كوكبنا بات يواجه خطراً متزايداً، إن لم يكن متفاقماً، بسبب زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المنطلِقة إلى الفضاء الخارجي كي تسكن جنبات الغلاف الجوي المحيط بكوكب الأرض، وتؤدي من ثم إلى إصابته بالحمّى إن جاز التعبير، بعد أن أثبتت المقاييس المسجلة أن عام 2014 شهد أكبر ارتفاع في درجة حرارة الأرض على مدار حقبة زمنية قوامها قرن ونصف قرن من الزمن الحديث، وهو ما يمثل في رأي مؤلفي هذا الكتاب مشكلة بالغة الخطورة. الأبعاد الاقتصادية ولعل الميزة التي يتفرد بها كتابنا، على نحو ما يقول البروفيسور ويليام نورد هاوس الأستاذ بجامعة ييل الأميركية المرموقة، إنما تتمثل في أنه لا يقصر آراءه البحثية على الجوانب العلمية البحتة، بمعنى الجوانب الفيزيائية أو الارصادية أو رسومات أحوال الطقس البيانية، بقدر ما أن الكتاب يطل على هذه الظواهر من منظور علاقتها بالأحوال والتطورات والمآلات الاقتصادية المقدّر أن تتحملها شعوب الأرض على اختلاف مستوياتها وإمكاناتها وأماكن تواجدها. وفي ضوء هذه المنطلقات يصنّف الكتاب بحوثه ضمن ثلاثة مجالات هي: أولاً، ظاهرة تواكل بعض الدول على ما يقوم به الاخرون، برغم أن قضية المناخ تتطلب، بحكم التعريف، مواجهة كوكبية شاملة كما يقال. ثانياً، تخبّط الأحكام والتصورات ومن ثم السياسات التي يُصار إلى اتباعها في مواجهة آفة تغير المناخ، لاسيما ارتفاع درجة الحرارة وما يترتب عليه من نتائج. ثالثاً، الدقة الشديدة التي لا بد وأن تتسم بها عملية الهندسة الأرضية كما يسميها مؤلفا هذا الكتاب، من حيث استهداف مواجهة وإيقاف هذا المّد الخطير المتمثل في آثار الانبعاثات الكربونية على كوكب الأرض بكل ما تسفر عنه من ظاهرة فتاكة باتت تحمل الاسم المتعارف عليه كالتالي: الاحتباس الحراري. إهمال البيئة وأسبابه على كل حال، ينعى الكتاب على مختلف القوى والقيادات والأوساط المسؤولة أنها لم تعمل بالجدية المطلوبة على وضع قضية سخونة المناخ الكوكبي في بؤرة اهتمام الجماهير بشكل عام، ويحاول المؤلفان التماس أسباب هذا التقصير، ما بين جهل العامة بما يجري، إلى صعوبة التنظير والتحصيل العلمي في هذا المضمار، إلى احتمال قيام دوائر الصناعة العملاقة بدور في إقفال الموضوع، وخاصة ما يتعلق بالأدوار الخطيرة التي يمكن أن تقوم بها الصناعات وقوى الضغط في مجال استخدام الفحم على سبيل المثال. لكن يبقى سبب آخر ربما تنفرد به أميركا على وجه الخصوص، ويتمثل في أن دوائر الحزب الجمهوري بالولايات المتحدة تمارس دعاياتها، التي تضغط في اتجاه يقضي بصرف النظر عن قضايا تغيّر المناخ، لأن هذا التعاطي، في حال جديته، ينطوي على تحمّل تكاليف باهظة أو مغارم فادحة، ويحاكيها في اتباع هذا النهج الذي يستهين بآثار تغير المناخ أوساط مماثلة شتى في طول عالمنا وعرضه على السواء. لكن كتابنا يخف إلى الرد على هذه المقولات، حين يوضح كيف أن البلدان الصناعية المتقدمة هي أول من يُصاب بأضرار خطيرة بالنسبة لصحة سكانها، وهي أخطار ناجمة عن صناعاتها الواسعة والكثيفة بالدرجة الأولى. أضرار التساخن الكوكبي تجيب فصول الكتاب على عاقبة ظاهرة التساخن، موضحة أنها تؤدي إلى أضرار تلحق بمجالات زراعة المحاصيل ومنظومات المياه واضطرابات النظم الأيكولوجية (البيئية) ما بين نوبات العواصف العاتية واجتياحات الأعاصير المدمرة وهجمات موجات التسونامي. فضلاً عما يصفه العلماء بأنه تغيير كيمياء المياه في المحيطات، بل إن الأمر قد يهدد كما يضيف المؤلفان، بأخطار أكثر فداحة وأنكى تدميراً، وهو ما يصفانه بأنه البجعات السوداء، بمعنى العوامل والأخطار التي لم تكن في الحسبان في يوم من الأيام. صحيح أن احتمالات ظهور هذا السرب المخيف من البجع الاسود لايزال في رأي مؤلفي هذا الكتاب، أمراً بعيد الاحتمال، ولو بنسبة واحد إلى عشرة، ولكن الاحتمال وارد ويتمثل في إمكانية ارتفاع حرارة كوكب الأرض إلى درجة الإصابة بالحمى الكوكبية وبمعدل ست درجات مئوية، وهذا من شأنه أن يجسّد أخطاراً لا سبيل إلى تصورها. فيما تعبر عنها سطور الكتاب على النحو التالي: هذا الاحتمال سوف يشكل نهاية المغامرة البشرية على سطح هذا الكوكب بالصورة التي نعرفها في الوقت الحالي، ومن واجب السياسات المتّبعة حالياً أن تعمل أولاً وقبل كل شيء على قطع السبيل على هذا الاحتمال، وبمعنى أن تحول دون وقوع هذه الارتفاعات الكارثية في درجات الحرارة ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. ومن هذه السبل التي يحاول هذا الكتاب استكشافها ما يتعلق بما يطلق عليه العلماء الاختصاصيون الوصف التالي: تبييض كوكب الأرض. وهو ما يعني العمل على جعل سطح الكوكب كياناً عاكساً لأشعة الشمس، بحيث يمكن أن ترتد تلك الاشعة لتعود إلى أجواء الفضاء، ومن ثم تقل درجة استيعاب الأرض لتلك الاشعة، وهو ما يقلل بالتالي من امتصاص سخونتها وارتفاع درجة حرارتها. هنا، ويا للغرابة، يشير الكتاب إلى ما يحدث عقب الانفجارات البركانية الكبرى، على نحو ما حدث بعد ثوران بركان جبل بناتوبو في الفلبين عام 1991، يومها أسفر البركان المذكور عن قذف 20 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت إلى الغلاف الخارجي، فكان أن انخفضت درجات حرارة كوكب الأرض بمقدار نصف درجة مئوية لأن الجزئيات المطرودة عكست ضوء الشمس بعيداً عن كوكب الأرض. هنا أيضاً يطرح الكتاب في ختام فصوله سؤالاً طريفاً، على النحو التالي: ترى، هل يصل الأمر إلى اختلاق انفجارات بركانية مصطنعة، حيث يحتاج الأمر إلى حدوث انفجارات وحالات ثوران من طراز بركان الفلبين المذكور أعلاه، وبحيث يرتب العلماء لتفجّرها كل سنة، وبهذا يمكن تفادي الآثار الناجمة عن تراكم ثاني أكسيد الكربون؟ السؤال صعب ومخيف أيضاً. النشاط البشري وراء ظاهرة التساخن يسوق الكتاب مَثَلاً على نجاح الجهود التي بذلتها أميركا في مجال الحد من تلوث الهواء الناجم، أو الذي كان ناجماً عن التفاعلات الكيميائية لثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النتروجين مما كان يؤدي إلى وفيات مبكرة، كما يقول الكتاب، في حدود 50 ألف أميركي سنوياً. ولكن بعد التبكير بمكافحة هذا التلوث الهوائي أمكن، كما يوضح المؤلفان، تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مدار الفترة 1970، 2014 بنسبة 84 في المئة، برغم أن كان المقابل هو رفع أسعار الكهرباء وسائر السلع والمنتوجات التي كانت تعتمد على طاقة الفحم وما في حكمها. المهم، كما يؤكد الكتاب، أن يأخذ عالمنا بتسعير الاستخدامات التي تؤدي إلى إفراز مواد وغازات الكربون، على أن يتم ذلك على أساس سياسات قومية، وطنية واضحة المعالم، واجبة التنفيذ مع تحمُّل ما قد تنطوي عليه بداهة من تكاليف وارتفاعات في الأسعار تتحملها مؤسسات الحكم وقطاعات المستهلكين على السواء. وحين يتطرق هذا الكتاب إلى ما يمكن وصفه بأنه قوى وأوساط التشكيك في قضايا المناخ، يحيل المؤلفان إلى المجامع العلمية الموثوقة التي أفادت بالمعلومات المحددة التالية: إن الانبعاثات الكربونية أسهمت في رفع حرارة الأرض بمعدل درجة مئوية واحدة على مدار القرن العشرين المنصرم. وأن التوقعات العلمية تفيد، وبالأدق تحذر، من استمرار ظاهرة التساخن.. الاحترار على مدار القرن الجاري وما يليه، وأن فريق الخبراء الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، وهذا هو الاسم الرسمي المعتمد من جانب منظمة الأمم المتحدة في هذا السياق، سبق له أن انتهى في عام 2001 إلى أن النشاط البشري كان يشكل العامل أو السبب المحتمل في الإصابة بآفة الاحترار سالفة الذكر. وأن الفريق الدولي عمد إلى رفع مستوى هذا التصور إلى درجة محتمل جداً وكان ذلك في عام 2007. وحين جاء عام 2014 أصدر الفريق الدولي أحدث أحكامه واصفاً النشاط البشري (الصناعي وما يماثله) بأنه السبب في تساخن كوكب الأرض، بكل ما يؤدي إليه من أضرار، ولكن بدرجة مرجح للغاية. أطراف تتنصل من التكاليف إن المتابعة الدقيقة لمقولات الكتاب لا تلبث أن تُفضي إلى ملاحظة بالغة الأهمية، يتصور فيها المؤلفان أن المشكلة تكمن في أن مشكلات كوكب الأرض تقتضي إنفاقاً باهظاً من جانب الاطراف الصناعية، وهي بالطبع أطراف ثرية ومقتدرة، لكن هناك من يقول لتلك الأطراف، أنتم تنفقون الكثير، ولكنكم لا تفيدون أنفسكم فقط بل سوف تستفيد الغالبية من سائر شعوب الكرة الأرضية دون أن تتحمل قدراً مماثلاً من تلك التكاليف الفادحة. وبمعنى أن تلك الشعوب في العالم الثالث تحقق فائدتها ولكن على حسابكم. المؤلفان جيرنوت فاغنر باحث شاب يُعد في صدارة المهتمين بقضايا البيئة الكوكبية. وهو يعمل في وظيفة كبير اقتصاديين لدى صندوق الدفاع البيئي في أميركا، إضافة إلى موقعه أستاذاً مشاركاً جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة. أما شريكه في تأليف الكتاب مارتن فيتسمان فيصفه المحللون بأنه من قادة المنّظرين على صعيد بحوث الاقتصاد ، وذلك بحكم مساهماته في تخصص ناشئ يحمل اسم المحاسبة البيئية، وهو علم مستجّد بحكم التعريف. الناشر: مطبعة جامعة برنستون، نيويورك، 2015 عدد الصفحات: 250 صفحة