×
محافظة حائل

وفاة شقيقة رئيس المجلس البلدي ببقعاء

صورة الخبر

لست من عشاق التغني بالماضي والتباكي عليه لأني أؤمن بالحاضر وأتفاءل دوماً به، لكني مهما حاولت أن أغض الطرف وأوقد في داخلي مشاعل الأمل والتفاؤل بحاضرنا ومستقبلنا، فإن هناك زاوية في هذا الحاضر لم أعهدها في الماضي.. زاوية مظلمة يتمدد كل يوم عفنها وظلامها صوب مستقبلنا مثل تمدد السرطان وسرعة انتشاره في الجسد المصاب. لا أعرف على وجه اليقين متى ولا كيف ولا أين ولدت البؤرة الأولى لذلك العفن، ولا أريد حتى أن أعرف، فكل مزيد من المعرفة والنبش في هذا الشأن هي عبارة عن مجرد فقء لدمامل مليئة بمزيد من السموم والأحقاد. استرجعت قبل أيام سؤالاً طرحه علي أستاذ مادة "دراسات شرق أوسطية" بمرحلة ماجستير العلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن يقول "هل الدين عامل وحدة أم عامل تفرقة؟".. وأذكر أني أجبته بحماس ودون تردد قائلاً "هو بالتأكيد عامل وحدة"، حيث أن هذا هو ما نشأتُ عليه وتعلمتُه في المدارس منذ طفولتي. وقد رد عليّ الأستاذ قائلاً لي بأن إجابتي هذه هي إجابة عاطفية ولا تمت للواقع بصلة، مستشهداً بالتناحر التاريخي والحالي الذي يحدث بين أتباع الديانات الواحدة بما فيها الإسلام. وقد شعرت حينها بالضيق وراودتني فكرة حذف هذه المادة لأني توهمت -أيضاً بسبب تربيتي وتنشئتي- بأن هذا الأستاذ يكره الإسلام ويحاول تشويه صورته. الحاصل أني لم أحذف المادة، كما أن قناعتي لم تتغير رغم الأدلة العديدة التي قدمها لي الأستاذ، حيث استمر إيماني بأن دين الإسلام الحنيف الحقيقي هو دين وحدة وتلاحم وتسامح، وأن ما حدث ويحدث من تناحر بين أتباعه بمختلف مذاهبهم وتوجهاتهم ومسمياتهم هو أمر لا علاقة له أبداً بالدين. إن ما فعله أستاذ تلك المادة هو أنه وضع في يدي مشكوراً مرآة عكست لي حينها صورة الحقيقة المؤلمة التي يعاني منها الإسلام نتيجة لممارسات أتباعه من المسلمين أنفسهم.. تلك المرآة رأيت فيها ذلك الوقت بمنتصف التسعينات صورة صغيرة، أصبحت أراها اليوم -بعد مرور عقدين من الزمن- أكبر حجماً وأكثر قبحاً وبشاعة وذلك على شبكات التواصل الاجتماعي ولقطات اليوتيوب وعبر شاشات بعض القنوات الفضائية التي امتلأت بكل أشكال الحقد والكراهية والشحن والتحريض الطائفي ضد الآخر المذهبي من هذا الطرف وذاك. لاشك لدي بأن عملية إخراس أصوات الفتنة الطائفية وتجريمها قانونياً على كل المنابر والمنصات أصبح اليوم -كما لم يكن من قبل- ضرورة حتمية لا تحتمل التأخير ولا التسويف ولا قبول الأعذار والمبررات الزائفة التي يروج لها الطائفيون من كل طرف ويبررون بها أفعالهم. إنها مسؤولية يشترك فيها الجميع برفض الطائفية ومحاربتها.. مسؤولية نحمل جميعاً فيها شعار لا للطائفية دون قيد أو شرط.