أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود «حفظه الله» خلال استقباله مساء امس الاول في قصر العوجا بالدرعية أعضاء المعارضة السورية الذين اختتموا اجتماعاتهم في الرياض الخميس، أن المملكة العربية السعودية حريصة على تحقيق الأمن والاستقرار والعدل في سوريا، وأن تعود بلداً آمنة مستقرة، سائلا الله «عز وجل» لهم التوفيق لما فيه الخير لسوريا وشعبها الشقيق والأمة العربية، وأن تتوحد كلمة العرب في كل أقطاره الوطن العربي. وقال رعاه الله: أهلاً بكم وأرحب بكم في بلدكم منطلق العروبة بلد العرب كما تعرفون، وتسمى جزيرة العرب، وأحب أن أقول لكم وأؤكد أن سوريا عزيزة علينا وتاريخ علاقتنا مع سوريا تاريخية ويهمنا صمود سوريا وإخواننا السوريين. ونرجو من الله «عز وجل» لكم التوفيق وأن تتمكنوا إن شاء الله من تحقيق الأمن والاستقرار والعدل في سوريا، وأعيد وأكرر نحن نريد الخير لكم، نريد جمع الكلمة، نريد أن ترجع سوريا كما كانت في الماضي، سوريا كان يأتي منها للمملكة المستشارون وصار منهم وزراء وصار منهم سفراء وأطباء، من صغري وأنا منذ عهد والدي «الله يرحمه» وأنا أعرفهم وتعرفونهم على كل حال، لذلك كما أن المملكة هي منطلق العروبة لكن مسئوليتها تصبح أكبر في هذه، وأكرر لكم أنا أرحب بكم وأرجو لكم التوفيق إن شاء الله لما فيه خير سوريا، وما فيه خير لسوريا فيه خير للعرب ككل، ونأمل إن شاء الله أن تتوحد كلمة العرب في كل أقطارهم وفي كل أماكنهم إن شاء الله إن ربنا عز وجل يستجيب لدعائنا. وأقول وأكرر إن هذا البلد بلدكم والإخوة إخوانكم ونحن الحمد لله لسنا في حاجة لشيء، لكن في حاجة أن نكون يداً عربية واحدة أمة عربية واحدة، وأقول وأكرر للآخرين نحترم الأديان كلها، نزل القرآن في بلد عربي على نبي عربي بلغة عربية تكريماً من الله عز وجل، لكن من عهد الرسل والخلفاء إلى اليوم والأديان كلها تحترم وكل إنسان دينه بينه وبين ربه على كل حال، لكن خدمتنا لديننا ولعروبتنا والجزيرة العربية فهذا شيء لا نتنازل عنه، وأكرر وأقول كذلك إننا نأمل منكم إن شاء الله الخير والسداد لما فيه خير لإخواننا في سوريا، وشكرا لكم. حجاب من جهته، ألقى رئيس الوزراء السوري السابق رياض حجاب كلمة قال فيها: أرفع إليكم باسمي وباسم الأخوة والأخوات المشاركين جميعاً في هذا المؤتمر الذي حظينا فيه برعايتكم السامية، وقد وجدنا في رحابكم وعند كل أشقائنا في المملكة العربية السعودية ما كنا نأمله ونتوقعه من الدعم الأخوي الكريم، فقد انعقد هذا المؤتمر بدعوتكم التاريخية للمعارضة السورية الممثلة لشعبنا وستبقى هذه الأيام التي قمنا فيها بتوحيد رؤية المعارضة وترسيخ رؤية الحل السياسي حدثاً مهماً، لأن هذا المؤتمر حدث كبير عبرت فيه المملكة العربية السعودية عن كونها رائدة الأمة والأمينة على العروبة وعلى المسلمين وعلى كل شيء ينتمي إلى هذا الوطن الكبير الذي لم تستطع الحدود السياسية أن تفرق بين شعوبه، لأنه شعب واحد بلغة واحدة وثقافة مشتركة وتاريخ مجيد واحد.ونحن ندرك أن يد الحزم التي امتدت إلى اليمن لإنهاء الظلم والاستبداد فيه سرعان ما تحولت إلى إعادة الأمل وهذا ما يمنح شعبنا في سوريا مزيداً من الأمل في صلابة الموقف السعودي، وفي حرصكم على وحدة سوريا وعلى وقف نزيف الجراح، كي يستعيد الشعب السوري أمله في حياة حرة كريمة، وبناء دولة مدنية ينتهي فيها الظلم والاستبداد. إننا ندرك أن كل فرد بين أبناء شعبنا في سورية كان يتابع أحداث هذا المؤتمر وبنظرة متفائلة إلى يد السلام والمحبة التي تلم الشتات، وتسعى لإيقاف طوفان الدماء وإنهاء المأساة الكبرى التي يعاني منها شعبنا في سورية. لقد أعلن هذا المؤتمر أن الشعب السوري والمعارضة الوطنية والفصائل السورية يريدون سلاماً ولكنهم لا يتنازلون عن إصرارهم على إنهاء معاناة شعبنا عبر كف يد الظالم وإنهاء استبداده. إن ما خلص إليه المؤتمر في كون الحل السلمي هو خيار الدرجة الأولى تعبير عن حرصكم وحرصنا جميعاً على أن يسمع المجتمع الدولي كله أننا نطلب السلام ونحارب الإرهاب، وأننا لا نريد أن نضطر إلى الاستمرار في القتال. ستبقى يدكم البيضاء غامرة لقلوبنا بالمحبة والعرفان لهذا الموقف التاريخي وقد عزز ما بيننا من أخوة عبر التاريخ . نتوجه بالشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله» ولحكومة المملكة العربية السعودية ولوزارة الخارجية ولكل من أسهم في نجاح هذا المؤتمر إدارة ناجحة وأمناً وتكريماً. وندعو الله أن يحقق النصر قريباً بدعمكم الكبير واثقين من أن يدكم الكريمة ستبقى ممتدة لشعبنا لإعادة الأمل وإعادة الإعمار، جزاكم الله عنا كل خير. وفي ختام الاستقبال صافح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الحضور متمنياً لهم التوفيق والسداد لما فيه خير بلادهم وأمتهم العربية. حضر الاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وصاحب السمو الأمير محمد بن سعود بن خالد وكيل وزارة الخارجية لتقنية المعلومات، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، ووزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير. وقد أدخل اتفاق الرياض للمعارضة السورية الفصائل المسلحة في مسار الحل السياسي الذي تدفع باتجاهه دول كبرى، لا سيما مع ادراك هذه الفصائل ان اسقاط النظام المدعوم من حلفاء بارزين، غير قابل للتحقق عسكريا من دون دعم خارجي، وأكد جيش الاسلام انه حمل السلاح لحقن دماء الشعب السوري الذي يباد، وبالتالي اي حل يتم فيه حقن الدماء فنحن جاهزون. ويشترط الاتفاق الذي تم التوصل اليه اثر مؤتمر لمدة يومين شاركت فيه قرابة مائة شخصية سياسية وممثلة لفصائل عسكرية، رحيل الرئيس بشار الاسد مع بدء المرحلة الانتقالية. على الرغم من ذلك، يرى مشاركون في المؤتمر ومحللون انه شهد تقديم تنازلات ملفتة من الفصائل. ويقول محمد بيرقدار، العضو في المكتب السياسي لـجيش الاسلام، ابرز فصيل مقاتل ضد النظام في ريف دمشق، لصحافيين احدهم من وكالة فرانس برس: حصل تقديم تنازلات بالذات من قبل الفصائل، وبعض القوى الاخرى في المعارضة بشكل عام، وكانت الغاية هي (...) مصلحة البلد قبل مصلحة الفصيل او الكتلة السياسية. ويضيف: الفصائل تشكلت لحماية المدنيين. جيش الاسلام حمل السلاح لحقن دماء الشعب السوري الذي يباد، وبالتالي اي حل يتم فيه حقن الدماء فنحن جاهزون. (...) ما حملنا السلاح حبا بالدم اكيد، حملنا السلاح لحقن الدم. وخلال الاعوام الماضية، فشلت محاولات التوصل الى تسوية سياسية للنزاع الذي بدأ باحتجاجات سلمية مطالبة برحيل النظام برئاسة بشار الاسد، قمعت بقوة وتطورت الى ازمة متشعبة ومتعددة الجبهات مع مداخلات اقليمية ودولية. وجاء اجتماع الرياض بعد اتفاق دول كبرى معنية بالملف السوري الشهر الماضي في فيينا على خطوات لانهاء النزاع، تشمل تشكيل حكومة انتقالية واجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج. كما نص الاتفاق على السعي الى عقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة السوريتين بحلول كانون الثاني/يناير. ويرى سفير الائتلاف الوطني المعارض في باريس منذر ماخوس ان الفصائل قبلت بالتعامل المرن والتفاوض وصياغة مواقف سياسية مرنة. ويوضح بيرقدار ان الدفع الدولي المتعدد الطرف للحل لم يترك مجالا لخيارات اخرى. ويقول: لا يمكنك كفصيل ان تتحدى رغبة المجتمع الدولي بشكل عام (...) من الواضح اليوم ان ثمة رغبة في الحل السياسي، وان اسقاط النظام عسكريا غير مطروح دوليا. ويشدد على ان الفصائل لن ترضى بأقل من حل سياسي عادل ينصف فيه الشعب، مضيفا ذكرنا في الاجتماعات انه في حال عدم تجاوب النظام مع المبدأ الاساسي في المفاوضات (رحيل الاسد)، فهذه الدول (التي اجتمعت في فيينا) التي هي الضامن، يجب ان تدعمنا بالسلاح. ورغم اتفاق المعارضة على رؤيتها السياسية وأسس التفاوض مع النظام، لا يشكل ذلك ضمانة لنجاح المفاوضات، لا سيما بعد تجارب سابقة في سويسرا نهاية 2013 ومطلع 2014، فشلت في تحقيق اي تقدم. ويقول الاستاذ المحاضر في جامعة ادنبرة توما بييريه: ان بيان الرياض لا يزال يريد ان يرحل الاسد، وهذا طبعا غير مقبول بالنسبة الى النظام. ويعتبر لؤي حسين، رئيس تيار بناء الدولة وهو جزء من معارضة الداخل، ان بيان الرياض هو بداية العملية السياسية التي تم الاتفاق عليها في فيينا. ويضيف: ان الفصائل قبلت ان تدخل في عملية سياسية، لكن دخول المفاوضات مثل دخول الحرب، تعرف ان تبدأها لكن قد لا تنهيها كما تشاء. خادم الحرمين يستمع لكلمة حجاب أثناء استقباله المشاركين في اجتماع الرياض ولي العهد وولي ولي العهد أثناء حضورهما اللقاء المشاركون في اجتماع الرياض