×
محافظة مكة المكرمة

إعلان أسماء الفائزين بعضوية المجلس البلدي في الطائف

صورة الخبر

تعاني الحركة التشكيلية الإماراتية بصورة عامة حالة تأخر وغياب لعمليات التوثيق المواكب لمتغيراتها، فتكاد الساحة الثقافية الإماراتية تخلو من متخصص في النقد الفني يعمل على توثيق وبحث المراحل التشكيلية التي مرت بها الفنون المحلية، إذ ما زالت الجهود في هذا الجانب تقتصر على الدور الذي تقوم به بعض المؤسسات الثقافية من حين لآخر. ولا تظهر إشكالية غياب النقد الفني في الإمارات بمعزل عن الحالة العربية، ويفرض ذلك عددا من التساؤلات حول هذه الإشكالية، وأثرها في تاريخ الفنون البصرية التشكيلية في الإمارات والعالم العربي، فلماذا لا يشهد هذا الحقل عناية من الدارسين والباحثين؟، وهل لذلك علاقة بطبيعة العمل الإبداعي التشكيلي وتكرسه في اللوحة وما يتشكل حولها من أشكال ابداعية؟. تنكشف الإجابات عن هذه التساؤلات بالنظر إلى راهن النقد في العالم العربي بصورة عامة وفي المشهد الثقافي الإماراتي بصورة خاصة، وبالتوقف عند خصوصية الأبحاث الجمالية، ومناهج تدريسها في الجامعات العربية، إذ يجد الباحث أن الجامعات العربية لا تطرح تخصصات في النقد التشكيلي سوى في الدراسات العليا التي تنحصر دراستها في عدد محدود من الجامعات العربية، الأمر الذي يجعل التخصص الأكاديمي في هذا الحقل شبه غائب، ولا تتولى النهوض به سوى الجهود المثقفة غير المتخصصة، أو الأسماء التشكيلية التي لها تجربة طويلة في العمل الفني. تنطبق هذه الحال كما هي في الإمارات على مختلف البلدان العربية، إضافة إلى أن الطاقات الدارسة للفنون الجميلة تنحاز إلى العمل الفني وفتنته فتجد نفسها مدفوعة إليه بإرادتها أو من دون ذلك، إذ إن المتابع يجد أن الطاقات الدارسة للفنون أكاديمياً تذهب مباشرة إلى اللوحة حتى لو كانت متخصصة في النحت، أو غيرها من فروع الفنون البصرية، وقلة هم أولئك الذين يتحولون إلى التدريس أو البحث بصورة كاملة. إلى جانب هذا بدا واضحاً التحول النقدي الجاري في التشكيل المحلي والعربي من إطاره النقدي الرصين المحكوم بمنهجيات لها جذورها ومنظريها، إلى النقد الانطباعي القائم في الصحف المحلية والذي غالباً ما يعقب افتتاح المعارض الفردية والجماعية، ولا يتشكل إلا في السياق الإخباري الذي لا يكشف عوالم الفنان ومشروعه التشكيلي. ليس ذلك وحده ما يفرضه واقع النقد التشكيلي الإماراتي، والعربي، فحتى المؤسسات القائمة على الفنون التشكيلية عربياً ومحلياً لا تطرح ما يحفز الجهود البحثية والنقدية في التشكيل، فلا نجد جائزة في نقد الفنون التشكيلية سوى في الإطار الضيق والمحدود، وتكتفي الساحة التشكيلية بالجائزة التي تطرحها دائرة الثقافة والإعلام والتي تذهب غالباً لأسماء ليست إماراتية. في ظل هذا الواقع الذي تفرضه متغيرات عدة لا يمكن الفكاك منها بجهود فردية وبين ليلة وضحاها، وتظهر الآثار المباشرة لمثل هذا الغياب على الحراك التشكيلي الإماراتي والعربي، فغياب النقد والبحث والتأصيل أوجد حالة من العزلة البصرية بين التشكيليين الإماراتيين. هذا ما ينكشف عند النظر إلى مسافات زمنية كبيرة في عمر التجارب التشكيلية، إلا أنها ليست السمة الوحيدة التي تنعكس على الفنان وتجربته التشكيلية، فالعديد من الفنانين أعادوا أنفسهم في الكثير من التجارب، ومنهم من بدت تجاربهم خطاً واحداً ليس فيها ما يكشف عن تنامي أو صعود. جاء ذلك إثر غياب العين الناقدة التي تكشف للفنان المراحل التي يمضي فيها، وتشير له إلى مكامن القوة والضعف، وتنير العوالم البصرية التي يتحرك فيها، وتجعله محيطاً بما يقدم من خارج التجربة وليس من داخلها، الأمر الذي جعل الكثير من التجارب عالقة جمالياً في مرحلة واحدة ولم تنتقل أو تضيف إلى ما قدمته، إنما ظلت تراوح مكانها. مقابل هذا يظهر أثر غياب النقد والدراسة والبحث بالغاً عند التوقف أمام تاريخ التجارب التشكيلية ومسيرتها. إضافة إلى أن التحول على صعيد الحركة الفنية لا يتم رصده وتوثيق فاعليته، فتكاد الساحة الإماراتية تخلو من كتاب نقدي أو بحثي يتوقف ملياً ويؤرشف للجماعات المؤسسة لجمعية الفنون التشكيلية في بدايات الثمانيات من القرن الماضي، ويكاد الباحث يكتفي بما جمعه الفنان الراحل عبد الكريم السيد من مقالات حول الحركة التشكيلية الإماراتية، ويعود إلى المواد الصحفية الانطباعية الأرشيفية التي توثق لتلك المراحل.