رفضت ليبيا مساء الاثنين، طلب الأمم المتحدة نشر قوة دولية لحراسة طاقم المنظمة ومنشآتها في البلاد. يأتي ذلك بعد موافقة مجلس الأمن في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، على طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ارسال وحدة خاصة من 235 رجلاً لحماية طاقم ومنشآت الأمم المتحدة في ليبيا بسبب الفوضى السائدة في البلاد. ووافقت الحكومة الليبية في البدء، لكنها تراجعت عن قرارها الذي اعتبره البعض تدخلاً في شؤون ليبيا الداخلية. وقال سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة مارك ليا غرانت: «يبدو أنه لن يكون من الممكن القيام بذلك». وأضاف: «في الوقت الراهن لا يتمتعون (طاقم الأمم المتحدة في ليبيا المؤلف من 200 شخص) بحماية جيدة ومجلس الأمن يأخذ هذا الوضع على محمل الجد ونحن ننتظر اقتراحاً آخر». وأعرب مجلس الأمن في بيان عن «قلقه العميق حيال تدهور الوضع الأمني وتزايد الخلافات السياسية في ليبيا». ودان المجلس «سوء المعاملة وأعمال التعذيب التي يتم اللجوء إليها في مراكز الاعتقال غير الشرعية في ليبيا والتي أدى بعضها إلى الموت». وأشار المجلس ايضاً إلى «ضرورة تعزيز المؤسسات العسكرية والأمنية في ليبيا ودعم الجهود التي تبذلها القوات الحكومية لفرض الأمن على الأراضي الليبية». في الوقت ذاته، قال طارق متري الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إن البعثة الدولية تدعو دائماً إلى «مزيد من الحوار بين القوى السياسية الليبية حول كل ما يختلف عليه الليبيون من مسائل، كمستقبل المؤتمر الوطني العام وانتخابات لجنة الدستور، من دون أن تعطي لنفسها حق التدخل في هذا الحوار». وأضاف في مؤتمر صحافي عقده أمس، في مقر بعثة الأمم المتحدة في طرابلس، أن البعثة تعتبر الحوار «شأناً ليبياً خالصاً وأن دور البعثة لا يتعدى تقديم المساعدة والمشورة لليبيين». وأكد متري أن وظيفة البعثة تقتصر على تيسير اللقاء بين القوى السياسية، مبيناً أن الجولة الثالثة من اللقاء التشاوري انتهت أول من أمس، بمشاركة ما يقارب الـ 40 شخصية سياسية من قادة أحزاب ورؤساء كتل ومستقلين. وصدر عنها ما يقارب 15 مبادرة رسمت تصوراً للعملية الانتقالية. وأعلن متري أن جلسة مجلس الأمن التي شارك فيها، تخللها استماع لبعض الملاحظات عن ردود الفعل الليبية على قرار الأمم المتحدة تشكيل فرقة حراسة لمقرات البعثة، مبدياً استغرابه حيال موجة الانتقادات التي واجهها، نافياً أن تكون تلك القوة تمهيداً لتدخل عسكري في ليبيا. وأشار متري إلى «مخاوف مجلس الأمن من انتشار الأسلحة الفتاكة في ليبيا لا سيما الصواريخ المحمولة على الكتف أرض- جو إضافةً إلى المواد المسماة الكعكة الصفراء التي تحتوي على اليورانيوم». من جهة أخرى، أعلن الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات ثوار ليبيا زياد لطيف أن «البيان الذي أصدرته الغرفة أمس، هو رسالة موجهة إلى الحكومة والمؤتمر الوطني بوجود قوة من الثوار على الأرض قادرة على تحرير الموانئ النفطية تحت لواء الدولة». وكانت غرفة ثوار ليبيا أكدت في بيان أصدر مساء أول من أمس، رفضها أي شروط تُملى على الشعب الليبي أو تنتقص من حريته وكرامته بما في ذلك «المساومات الرخيصة» السرية منها والعلانية لتسوية قضية الموانئ النفطية. ورفض البيان أن تكون مقدرات الشعب «ألعوبة» في أيدي من وصفهم بـ «السفهاء والمحتالين ولصوص النفط». وأضاف أن جميع فرص التفاوض والتفاهم استُنفدت. وأوضح البيان أن غرفة الثوار تفضل أن تستلم الدولة زمام المبادرة في معالجة المستجدات، إلا أنهم لن يتوانوا عن إعادة الوضع إلى نصابه «بما يمليه الحكم الشرعي والواجب الوطني». وكان وزير النفط والغاز عبدالباري العروسي، أكد أمس أن استمرار إغلاق الموانئ النفطية لم يترك للدولة سوى اللجوء إلى الخيار العسكري لحماية ثروات الشعب الليبي. إلى ذلك، اغتيل أحد عناصر حرس الحدود والأهداف الحيوية التابعة لمنطقة تازربو ويُدعى أحمد الزوي أول من أمس، بعد أن تعرض لإطلاق نار من قبل مجهولين بمحطة الوقود في منطقة شبنة في مدينة بنغازي. على صعيد آخر، توقع المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (إف بي آي) روبرت مولر، توجيه اتهامات لأشخاص جدد بالتورط في تفجير طائرة الخطوط الجوية الأميركية (بان أميركان) فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية عام 1988. وقال مولر لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أمس: «إن تقدماً تم احرازه في التحقيق منذ قيام الثورة الليبية عام 2011، وهو واثق من أن التحقيق الجاري حالياً سيستمر في احراز النتائج، وهناك عملاء من مكتب التحقيقات الفيديرالي يتابعون أي تطور». وأضاف: «توقعي هو أن نحصل على معلومات اضافية وربما شهود إضافيين تقود إلى اتهام أشخاص آخرين بالتورط في التفجير». وأقرّ مولر، المشارك في تحقيق لوكربي منذ 20 عاماً والذي ترك عمله في أيلول (سبتمبر) الماضي بعد 12 سنة عمل فيها كمدير للـ «أف بي آي»، أقرّ بأن العنف وعدم الاستقرار في ليبيا «سيجعلان الأمور أكثر صعوبة». وكان رئيس هيئة الإدعاء العام في اسكتلندا فرانك مولهولاند، أعلن أول من أمس، أن ليبيا عيّنت اثنين من المدعين العامين للعمل في قضية لوكربي. ويُعتبر الضابط السابق في الاستخبارات الليبية عبد الباسط المقرحي، الشخص الوحيد الذي دين بتفجير طائرة لوكربي، وحكمت عليه محكمة اسكتلندية في كامب زيست في هولندا عام 2001 بالسجن مدى الحياة، لكن السلطات الاسكتلندية أخلت سبيله في آب (أغسطس) 2009 لأسباب انسانية جراء إصابته بسرطان البروستاتا وسمحت له بالعودة إلى ليبيا ليموت هناك بعد أن قدّر الأطباء أنه لن يعيش أكثر من ثلاثة أشهر، لكنه توفي بعد ثلاث سنوات في أيار (مايو) 2011. وتم تفجير طائرة (بان أميركان) فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية قبل أربعة أيام من عيد الميلاد عام 1988 ما أسفر عن مقتل 259 شخصاً على متن الطائرة، من بينهم 189 أميركياً، و 11 شخصاً على الأرض. في غضون ذلك، ناقش المؤتمر الوطني العام أمس، عدة مواضيع من بينها، المقترح المتعلق بلجنة وضع خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية والمذكرات المعروضة بشأن طلب موازنات إضافية، إلى جانب التصويت على مشروع قانون بشأن شهداء مذبحة سجن «أبو سليم».