اعترافٌ صريح، يتلوه اعتذار واضح، ثم وعدٌ بعدم تكرار هذا الخطأ، هذا ما يجب أن يربي الآباء اطفالهم عليه، فيعلموهم الاعتراف بالاخطاء التي ارتكبوها دون مواربة او خداع، بل ان هذه الوصفة لا تنتج الا النجاح في الدنيا والاخرة.. ولكن لماذا يتلجلج بعض الاطفال في الاعتراف بالخطأ، ويكاد يكون من المستحيل ان يقروا بما عملوه من أخطاء الا تحت الضغط؟ والاجابة عن هذا ليست بالصعبة، فالطفل عندما يعرف انه ارتكب خطأ، فإنه يشعر بمشاعر سلبية مختلطة من الخوف، من العقاب، والخوف من كراهية الناس له، وخشية إزعاج من يحبهم، وحرصه على المحافظة على مكانته في قلوب أبويه، اضافة الى ان بعض الاطفال يفرق بين وقوع الخطأ المقصود، وبين الخطأ العفوي الذي لم يقصد، فيرى ان النوع الثاني لا يسمى خطأ، وبالتالي لن يعترف بأنه قد اقترفه، باعتبار انه ليس عملا مقصودا. بعض الآباء مهما حاول ان يمسك جاهدا بخيوط الحكمة والتربية الهادئة. الا انه سرعان ما يفقد هدوءه فيستشيط غضبا وصراخا عندما يعترف له ابنه بأنه اخطأ، فكيف يتوقع مثل هذا الأب ان يأتيه ابنه مرة اخرى ليعترف بما صنع؟ بل يفترض ان يستمع الأب الى ابنه حين اعترافه ويشجعه على هذا الصنيع، ويمدح شجاعته وإقدامه على تحمل تبعات الاخطاء، ويتأكد على الاب ان يتحكم بتعبيرات وجهه فلا يتجهّم او يعبس حتى لايزرع الخوف او الرهبة في قلبه، بل يستمع اليه حتى ينتهي ثم يشرح للابن ما وقع فيه من اخطاء وما يلحقها من تبعات، ويشرح له كيف يستطيع ان يتجنب الخطأ في المرة الاخرى، فإن كان يستحق العقاب فيجب ان يكون عقاباً مناسباً، وهادفاً لا مهيناً لنفسه او مسيئاً لآدميته او قاهراً لكرامته، كما يفعل البعض وكأنه ينتقم لنفسه، فتتبلور شخصية الابن على الخوف والكذب وحب الخداع.. وللأطفال مقدرة محدودة للتعلم والاستفادة من الاخطاء، ويحتاجون لأن يأخذوا حقهم من الوقت كما أخذنا نحن، فلا نستعجل عليهم بل نحلم عليهم (فالرفق – كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم - ما وجد في شيء الا زانه، ولا نزع من شيء الا شانه). أؤكد كثيرا على انضباط الموازين فتكون هناك قواعد ثابتة للصواب والخطأ لدى العائلة، قواعد لا تتحكم فيها الأمزجة والأهواء او المحسوبيات او حتى الحالة النفسية او الشخصية، حتى تنضبط نفسية الطفل فيعرف ما له وما عليه، حينها فقط سوف تقر عينك بطفل شجاع، مقدام في الحق، ذي شخصية قادرة على تحمل المسؤولية، وقادرة على تعديل الميل وتصويب الخطأ بكل ثقة وطمأنينة.. وعلى دروب الخير نلتقي..