×
محافظة الرياض

عام / الدكتور السند يرفع التهنئة لخادم الحرمين الشريفين بمناسبة نجاح أعمال قمة دول مجلس التعاون

صورة الخبر

كلما مر عام على حراك وتجربة الانتخابات البلدية في السعودية، ازدادت ذاكرتي تواصلا مع بدايات انطلاقتها الخجولة وارتباكها، إلى أن وصلنا إلى نسختها الحالية الثالثة التي اتسعت فيها الصلاحيات بشكل ضعيف ربما كان متوقعا لأسباب منها، ضعف قدرة الناخب على الوصول إلى نقطة التغلب على قوة ضغط العواطف والانتماءات القبلية من جهة، والارتباك في كيفية تقرير من هو الأصلح والأكثر كفاءة وقدرة على خدمة المجتمع. في هذه الدورة، ارتفع عدد المترشحين للمجلس البلدي الواحد إلى أربعة أضعاف العدد في الدورتين الأولى والثانية، وهما الدورتان اللتان كنت ذات يوم شاهد حدث على كثير من تفاصيلهما. بانقضاء هذا اليوم الخميس الثامن والعشرين من شهر صفر 1437، يتبقى على موعد توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع بضع ساعات قليلة فقط، لتقرير شكل المجالس القادمة التي تتدخل القبيلة في حسم شكلها بنسبة مهمة في بعض المناطق، خاصة أنها في هذه الدورة أمام تغيير نوعي، يفرض التحدي أكثر من ذي قبل بدخول العنصر النسائي، الضيف الجديد الثقيل، الذي تأخرت مشاركته في مثل هذا الحراك بعدد بلغ "979" مرشحة أمام "5938" مرشحا، وسيكون على عاتق الناخب في هذه الدورة قرار تحديد نسب المشاركة النسائية داخل المجالس البلدية، والتي أظنها ستكون ضعيفة جدا، وهذا متوقع كأية بداية متخوفة وحذرة في مجتمع لم يألف بعد مثل هذه التجارب الديموقراطية. لكنني أظن من جانب آخر أن السباق سيكون أكثر احتداما من ذي قبل، مع دخول العنصر النسائي، على الرغم من أن هذا هو الوجود الأول للمرأة على صعيد العمل والمشاركة البلدية، وهي نقطة تحول تاريخية في مسيرة السياسة والشارع السعودي، وأعتبرها خطوة صغيرة تحمل صفة قفزة في الاتجاه الصحيح إلى مشاركة مستقبلية فاعلة مفترضة، وأرى أن التردد والحذر في التعامل مع المرأة على الجانب السياسي مبررٌ، قياسا بمستوى الوعي العام ونظرته إلى مشاركتها جنبا إلى جنب مع الرجل، وهو لا يعنينا بالدرجة الأولى كما يعنينا حدوث المشاركة الفعلية للأمر مبدئيا، والذي أظنه سيتسع ويأخذ فرصته على الرغم من ضيق الصلاحيات، ولا أرى داعيا للتشاؤم والتذمر وتقييم الأمر سلبيا وإحباط الشارع، فهذا هو المتاح والمضمون في قبضة اليد، وهو يسير إلى الأمام على أية حال. فالمتشائمون المقاطعون للعملية الانتخابية، لا يرون إلا نصف الكوب الفارغ في العادة، وسيكررون رأيهم ووجهة نظرهم في كل مرة حتى وأنت تقترب من درجات عالية إلى الكمال المستحيل بالطبع، لكن هذه المواقف لا تعلم -ربما كفاية- عن أهمية أصواتهم في تقرير شكل وتكوين هذه المجالس، لاقتناعهم أنه لا فائدة منها، وهذا غير صحيح تماما، فالديموقراطية تعطيك الحق في الاحتفاظ بصوتك أو منحه لمن تراه، ومقاطعتك قد تترتب عليها نتائج استمرار المشكلة باستمرار المقاطعة بالتوازي إلى مالا نهاية. شخصيا، لا أرى في المقاطعة حلا، بل هي من وجهة نظري مشكلة نراها صغيرة دائما، تسهم في تأخر انتقال التجربة إلى مراحل فاعلة أكثر. فانتخابات المجالس البلدية تجربة تستحق أن يخوضها الجميع ويشارك فيها، وهي وإن اتفقنا على ضعف نضجها وقوة تأثيرها، إلا أنها تُشيع أجواء الممارسة الديموقراطية، ومشاركة المواطن في صنع القرار المتعلق بالمكان والزمان، وأرى أن هذه المجالس يمكنها أن تنجز، وبشكل مُرضٍ، إذا ما وجدت القيادات الجيدة التي ترغب في تقديم عمل حقيقي، واختار الناخبون الطريقة الصحيحة لتقرير نوعية أفراد هذه المجالس، وتصور تشكيلها وبنيتها براجماتيا –أي تقديم المصلحة- وتغليب ذلك على العواطف والقبلية. فاذهبوا إلى صناديق الاقتراع أيها الناس، وقولوا كلمتكم بتجرد من العواطف والقبيلة و"الميانة" المشتقة من "المين" أي الكذب. اذهبوا وصوتوا بأمانة للمصالح العامة، للمكان، فنحن جميعا شركاء في المكان والزمان، قرروا في خلوتكم أمام الورقة من يستحق أن تضع علامة "صح" أمام اسمه، وهذا هو دوركم العظيم.