بعد رحيل الإتحاد السوفيتي من العالم العربي ، في زمن الرئيس الراحل محمد أنور السادات ، وقراره السياسي بطرد الخبراء السوفيت ، بالرغم من المهمات السرية وإدارة جهاز استخبارات الـ (كي جي بي) ، والسيطرة على معظم مفاصل الدولة المصرية بما فيها الإعلام ، وهي مهمة لم يكتب لها النجاح لتأتي أحداث نكسة 1967م ، في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ، الأمر الذي جعله أكثر غضبا من التصرفات الغير مسؤولة ، بعد أن اكتشف مدى عمق الخسارة والهزيمة وواقع البنية التحتية وحال الدفاعات الأرضية والجوية التي منيت بها القوات المصرية آنذاك ، ليس ضعفا في التدريب والتكتيك العسكري والشجاعة التي يمتلكها رجال هذه القوات ، ولكنها نتيجة مواقف متخاذلة من القيادة العسكرية السوفيتية ، بالرغم بأنه لم يمض على تلك المعاهدة سوى أقل من عشر سنوات ، بدء من إنشاء مشروع السد العالي 1957م ، بعد أن تخلت الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي عن تمويله ، فما كان من الزعيم عبدالناصر إلاّ أن يرمي بثقله في أحضان الاتحاد السوفيتي ، ولاشك أنه بذكائه وشجاعته وعروبته حتى النخاع يُدرك خطورة تلك الخطوة ، ولكنه كان بين أمرين أحلاهما أشد ملوحة من البحيرات المرة ، وبعد رحيل الزعيم عبدالناصر وتولى الرئيس السادات زمام السلطة ، وبدعم الأشقاء العرب أعاد توجيه بوصلته السياسية نحو الغرب ، فهذه فرنسا التي يعقد مؤتمر الاحتباس الحراري على أراضيها بمشاركة أكثر من 140 دولة بثقلها العالمي لنزع فتيل التوترات الساخنة لهذه الأزمة السياسية الراهنة ، هنا لابد لنا أن نذكر تاريخ الدولة المضيفة ، وهي تحاول تضميد جراحها من العمليات الإرهابية ، التي اجتاحت عاصمتها قبل أيام وخلفت وراءها مئات الضحايا الأبرياء ، ولكنها فاقت كل التوقعات بنجاحها في تنظيم مؤتمرها في هذه الضاحية الباريسية ” لوبروجيه ” ، بموقعها الجميل وطبيعته الساحرة وتميزه بأرقى الخدمات الحضارية ، وهي شهادة تستحقها الجمهورية الفرنسية شعبا وحكومة ، لنتذكر من خلال هذا السياق مواقف فخامة الرئيس الفرنسي الأسبق جورج بومبيدو في مناصرة قضايا الشعوب المقهورة جراء سياسة حكامها. والانتخابات التي بلغت نسبتها 99.9% ولا صوت يعلو فوق صوت الاضطهاد والتصفية العرقية لهذه الشعوب التي ولدت لتعيش حرة كريمة ، ففرنسا اليوم تقوم بدورها السياسي البارز بثقة الزعماء الكبار ، لفخامة الرئيس فرانسوا جورج أولاند كرجل دولة من الطراز الأول ، ومن الطبيعي أن يكون هناك دورا مماثلا لدول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية ، متى ما اتحدت مواقفها وأهدافها لكبح جماح التغلغل في جسد الأمة العربية وفرض هيمنة الترسانة العسكرية التي تقودها روسيا ، بسياسة استثارة الرأي العام العالمي ، لتبقى لغة القوة التي تلوِّح بها داخل الأراضي السورية في ظل غياب حوار الدبلوماسية الهادئة ، التي أجاد التعامل معها في ضبط النفس والبعد عن منحدر الابتزاز والهيمنة التي لازال فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان متمسك بها ، وآخرها تصريحاته الصحفية التي تناولتها وسائل الإعلام التركية والعالمية مؤخرا في مواقف أثبتت شجاعته وبعد نظره ، بتشاوره مع زعماء العالم وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية لمواقفها الثابتة والراسخة ، ترى ما الذي أسفرت عنه هذه القمة الباريسية.