• الجبال وحدها لا تشيخ تزداد صلابة بتقادم الزمن .. مانديلا طود أسود تكسرت النصال فوق صخوره .. لم يكن ثائرا كبقية الثوار أولئك الذين عندما تصل ثوراتهم إلى أهدافها يغرقون في لجة السياسة وفنونها. • مانديلا .. أو أغنية الثوار في القارة السوداء وضع نموذجا مغايرا لفيفارا وكاسترو وعبدالناصر .. ربع قرن في ظلمة السجون علمته أن اعتلاء سدة المجد لا يعني اعتلاء رقاب شعبه أو إصدار حكم المؤبد على كراسي القيادة .. طبق الدرس الذي علمته أياه الأحكام العنصرية الظالمة وأحقادها .. ترجل الجبل الأسود عن صهوة الكرسي وترك زعامة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم لنائبه. • قال مانديلا: حان الوقت لأن يسلم جيلي الذي بذل كل ما في وسعه الراية لخليفته .. وقال مانديلا: يشرفني أن أترك مستقبلنا المشترك بين يديكم. • في العام (1999).. ترجل عن كرسي الرئاسة فهو لم يأت إليه كما قال أكثر من مرة للجلوس فوقه مدى الحياة كما هي عادة الثوار .. بل لتحقيق العدالة وتطبيق الديمقراطية التي قال إنها لا تزال رضيعا يحتاج إلى الرعاية. • باختتام مانديلا لمهامه في رئاسة الحزب انتقلت بلاده إلى المرحلة الأكثر صعوبة والأكثر شراسة معركة الاقتصاد التي يدرك بأن سنه (89) عاما لن تعينه على التصدي لها فقد وضع نفسه كفاصلة بين مرحلتين .. مرحلة تثبيت العدالة والديمقراطية .. ومرحلة الدخول لعتبات القرن (2000) بأقدام ثابتة وعندما حان أوان القرن رسمت جنوب أفريقيا على وجه خارطتها وجه مانديلا وعندها تفيض الأنهار بالأشعار وأغنيات المستقبل.. رحل مانديلا وبقيت ثورة العقل مشتعلة.