شهد المسرح الإماراتي منذ نشأته، الكثير من التجارب والمحاولات التي تراكمت مع الزمن، وحولته من مسرح هواة إلى مسرح احتراف، ينتج ويخلق طاقات إبداعية وفنية حفرت اسمها في عالم المسرح العربي. ومن أبرز هذه التجارب، تقف المبادرة التي قام بها مسرح الشارقة الوطني، لتقديم عمل مسرحي مشترك بين أربعة من الفرق المسرحية هي: مسرح الشارقة الوطني، مسرح خورفكان، مسرح خالد، مسرح كلباء، في محاولة للنهوض بالمسرح الإماراتي عبر تكريس مفهوم العمل الجماعي المشترك، وصولاً إلى وحدة فنية متكاملة بين هذه الفرق. وبعد اجتماع الفرق الأربعة، تم اختيار نص مغامرة رأس المملوك جابر للكاتب المسرحي السوري سعدالله ونوس، بقيادة المخرج عبدالإله عبدالقادر، وقدم العرض بتاريخ 10 أكتوبر/تشرين الأول 1984 على قاعة مسرح إفريقيا في الشارقة، ساعد في إخراج العمل سعيد سالم، وسعيد الحداد، وإسماعيل عبدالله، أمّا تصميم الديكور فقام به كل من محمد يوسف وعبدالكريم عوض، وتكون فريق التمثيل من: علي الشالوبي، وخالد خلفان، وأحمد عبدالرزاق، وسالم بوزيد، وبهنام ميخائيل، وإبراهيم سالم، وعلي خميس، ومحمد الحمر، وأحمد النابودة، وسميرة أحمد ورئاسة عبدالرحمن. تتناول قصة المسرحية نهاية الدولة العباسية بسقوط بغداد في أيدي المغول ومقتل آخر خليفة عباسي على يد هولاكو سنة 656 ه. وتبدأ الحبكة بنشوب صراع بين الخليفة شعبان المقتدر بالله ووزيره محمد العلقمي، فالخليفة يريد إزاحة الوزير لأنه يشكل خطراً على دولته، والوزير يخطط للاستيلاء على الخلافة والقضاء على الحكم، فيأمر الخليفة بتفتيش الخارج من المدينة والداخل إليها، خوفاً من خروج رسالة من العلقمي إلى قائد المغول لطلب الاستعانة به على الإطاحة بالخليفة. ويتطوع أحد مملوكي الوزير واسمه جابر لإخراج الرسالة من بغداد مقابل عتقه وتزويجه من إحدى جواري الوزيرزمردة، فيقبل الوزير تكليفه بالمهمة ويعده بتحقيق مطلبه، ويقترح جابر أن يكتب الوزير الرسالة على رأسه بعد حلق شعره حلقاً تاماً، ولما ينمُ الشعر ويغطي الرسالة، يخرج من المدينة وهو في أمن من انكشاف أمره، وتصل الرسالة إلى قائد المغول، ولكن الوزير يطلب منه أن يقتل حامل الرسالة جابر الذي حمل موته تحت فروة رأسه. على صعيد الإخراج تمكن عبدالإله عبدالقادر من تسيير العمل وإدارته بشكل ناجح، وخصوصاً مع تواجد عدد هائل من الممثلين على الخشبة، وهذا ما يخلق تحدياً كبيراً أمام أي مخرج.يبقى لهذا العرض المسرحي مكانة مميزة في تاريخ المسرح الإماراتي، لما قدمه من فرجة ومتعة، إضافة إلى كونه نتاجاً مشتركاً بين أربع فرق، عملت بكل جهد وإخلاص حتى يصل هذا العمل للجمهور، وحتى تقرب المسافة أكثر بين العاملين في المسرح والمشغولين بقضاياه على أرض الإمارات كلها.